Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

التعليق الثالث: الجلدة التي كعرف الديك فوق البظر عبارة عن غشاء هرمي الشكل مشقوق من جانب واحد، وهذا الغشاء ليس له أي تأثير على المعاشرة الزوجيّة. ولذا فإن إزالته نهائيّاً لا تؤثّر على الجماع. ولكن هذا الغشاء يغلّف البظر وهو العضو الحسّاس والمؤثّر في اللقاء الجنسي. ومن هنا كان قول الرسول (ص) لأم حبيبة: «أشمّي ولا تُنهِكي فإنه أبهى للوجه، وأحظى لها عند الزوج» (لا تُنهِكي: يعني لا تبالغي في القطع) هو للحفاظ على البظر من قطع جزء منه أو قطعه نهائيّاً، وذلك لأن طريقة القطع آنذاك كانت تتم بشد الغشاء الذي يغلّف البظر ثم قطعه رأسيّاً باستعمال شفرة أو ما يعادلها من آلة القطع. أمّا الآن فيمكن إزالة هذا الغشاء، واستئصاله نهائيّاً دون إلحاق أي ضرر بالبظر وذلك بقصّه دائريّاً حول البظر عند طبيب متخصّص. وهذا أكثر فائدة من الناحيتين الجنسيّة والطبّية. ولذلك أرى أن هذا هو الختان المقصود في السُنّة الشريفة.

السند من السُنّة النبويّة على وجوب الختان:

عن رسول الله (ص) أنه قال: «الفطرة خمس: الإختتان والإستحداد وقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط»؛ «الختان سُنّة للرجال ومَكرُمَة للنساء»؛ «إن من الفطرة: المضمضة والإستنشاق والسواك وغسل البراجم ونتف الإبط والإستحداد والإختتنان والإنتضاح» وسقط منه تقليم الأظافر. عن النبي (ص) قال: «إختتن إبراهيم عليه السلام بعد أن مرّت عليه ثمانون سنة، واختتن بالقدوم». وسئل النبي (ص) في الأغلف يحج إلى بيت الله؟ قال: «لا حتّى يختتن».

فوائد ختان الأنثى:

الفائدة الأولى: ترك هذا الغشاء الذي يغلّف البظر وهو - كما قلت - هرمي الشكل مشقوق من جهة واحدة، أي أنه يشبه الجراب، ممّا يجعله دائماً غير نظيف، نتيجة لدخول بعض الإفرازات المهبليّة وجزء من البول وتراكمها فيه، وهذه الإفرازات وبقايا البول تكوّن بيئة ملائمة لنمو وتكاثر أنواع عديدة من البكتيريا والفطريّات التي تسبّب الكثير من الأمراض البكتيريّة والأمراض الفطريّة لكل من الجهازين: البولي (الكليتين والحالبين والمثانة) والتناسلي (المبيضين والرحم والمهبل) للأنثى، وذلك لشدّة قرب فتحتي الإخراج لكل من الجهاز التناسلي والجهاز البولي للأنثى.

فعلى سبيل المثال: من الأمراض البكتيريّة التي تضر الجهاز البولي: إلتهاب المثانة، أو إلتهاب الحالبين، أو إلتهاب الكليتين الذي يسبّبه نوع من البكتيريا إسمه بيسودوموناس Pseudomonas. ومن الأمراض الفطريّة التي تسبّب إلتهابات في الجهاز التناسلي للأنثى تكون نتيجة للإصابة بفطر الكانديدا Candida أو فطر ترايكوموناس Trichomonas.

أمّا الإلتهابات التي تصيب الجهاز التناسلي للأنثى نتيجة للتلوّث البكتيري، فتسبّبها أنواع من البكتيريا العنقوديّة والسبحيّة اللاهوائيّة مثل بكتيريا جونوكوكاي Gonococci وبكتيريا نيسريا السيلان Chlamydia والتي تسبّب، في حالات الإصابة الشديدة، العقم.

الفائدة الثانية: ترك هذا الغشاء يؤدّي إلى الشبق الجنسي وأيضاً الإكثار من العادة السرّية وذلك لكثرة إحتكاك هذا الغشاء بالبظر.

الفائدة الثالثة: وجود بقايا البول والإفرازات الجنسيّة داخل هذا الغشاء يكون مصدراً لنجاسة الثوب والبدن وبالتالي نقص عنصر الطهارة بالنسبة للمسلمة.

فوائد ختان الذكر:

الفائدة الأولى: إزالة الغلفة لها تأثير طيّب على المعاشرة الزوجيّة ويخلِّص المرء من خطر انحباس الحشفة أثناء التمدّد.

الفائدة الثانية: يخفّف الختان خطر الإكثار من إستعمال العادة السرّية لأن وجود الغلفة ووجود الإفرازات الجنسيّة المختزنة بها يثير الأعصاب التناسليّة المنبثّة حول قاعدة الحشفة وتدعو المراهق إلى حكّها والإستزادة من مداعبتها ومداعبة عضوه.

الفائدة الثالثة: إزالة الغلفة يزيد من مدّة الجماع قَبل القذف لذلك فإن المختونين أكثر إستمتاعاً وأكثر إمتاعاً وإرضاءاً.

الفائدة الرابعة: وجود بقايا البول والإفرازات الجنسيّة داخل الغلفة في حالة عدم الختان تكون مصدراً لنجاسة الثوب والبدن وبالتالي نقص عنصر الطهارة بالنسبة للمسلم.

الفائدة الخامسة: إذا لم تقطع الجلدة التي تغطّي الحشفة، فإنها تحوي دائماً بعض قطرات من البول وبعض الإفرازات الجنسيّة كالسائل المنوي والحيوانات المنويّة وكل هذه الإفرازات وبقايا البول تكوّن بيئة ملائمة لتغذية وتكاثر العديد من أنواع البكتيريا والفطريّات التي تسبّب الكثير من الأمراض البكتيريّة أو الفطريّة لكل من الجهاز البولي (الكليتين والحلبتين والمثانة) والجهاز التناسلي (الخصيتين وقناة المني وكيس المني وغدّة البروستاتة والقضيب) للذكر، وذلك لاشتراك الجهازين في فتحة إخراج واحدة بالقضيب، ممّا يسهّل إصابتهما.

أمّا عن أنواع البكتيريا والفطريّات التي تصيب الجهاز البولي أو التناسلي للذكر، فهي نفس الأنواع التي ذكرتها من قَبل والتي تصيب نفس الجهازين للأنثى تقريباً، وتسبّب العديد من الإلتهابات لكل من الجهازين، ممّا يؤدّي إلى تلف في بعض خلايا الكلى أو الفشل الكلوي في حالات الإصابة الشديدة للجهاز البولي، أو تسبّب إلتهابات شديدة في الخصيتين أو غدّة البروستاتة تكون نتيجتها إمّا ضعف القدرة على الإنجاب أو العقم.

ملاحظة: الأمراض الفطريّة أو البكتيريّة التي تصيب الجهاز البولي أو التناسلي، لأي من الزوج أو الزوجة، تكون مصدراً لإصابة الطرف الآخر. ولهذا فإن صحّة وسلامة كل من الزوجين مهم جدّاً بالنسبة للآخر.

وقت الختان:

بعد أن تعرّفنا على فوائد الختان، يستحب ختان الذكر في سن الصغر كلّما أمكن لأنه أرفق به، ولأنه أسرع برءاً فينشأ على أكمل الأحوال بدنيّاً ونفسيّاً. والصحيح المفتى به أنه يوم السابع. ويحتسب من يوم الولادة معه لحديث جابر: عق رسول الله (ص) عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيّام1.

هذا بالنسبة للذكر. أمّا الأنثى فبعد أن تعرّفنا على فوائد الختان لها والضرر من عدم الختان، وبعد أن تعرّفنا على الطريقة السليمة للختان، يستحب أيضاً أن يكون ختانها في الصغر كلّما أمكن ذلك. ويستحب أن يكون قَبل البلوغ والنضج الجنسي قدر الإمكان. فيكون ختانها من السابع بعد الولادة حتّى بداية البلوغ الجنسي.

ختان من لا يقوى على الختان:

من كان ضعيف الخلقة بحيث لو خيف عليه، لم يجز أن يختتن عند القائلين بوجوبه بل يؤجّل حتّى يصير بحيث يغلب على الظن سلامته، لأنه لا تعبّد فيما يفضي إلى التلف، ولأن بعض الواجبات يسقط بخوف الهلاك.

العذيرة:

هي الوليمة للختان وتسمّى: العذار والإعذار والعذرة. والسُنّة إظهار ختان الذكر، وإخفاء ختان الأنثى. وفي مذهب الإمام الشافعي بأنها تستحب في الذكر، ولا بأس بها في الأنثى للنساء فيما بينهن.

من مات غير مختون:

إتّفقت كلمة الفقهاء على أنه لا يختتن الميّت الأغلف الذي مات غير مختون، لأن الختان كان تكليفاً وقد زال بالموت.

ردود على الذين يهاجمون الختان2

1) الذين يقولون: إن هذا الغشاء خلقه الله فلماذا يزال. أقول لهم: الله خلق لنا الأظافر وشعر العانة (الشعر الموجود تحت الإبط وحوالي الفرج)، فلماذا نقصّه أو نزيله؟ والإجابة: إن إطالة الأظافر يجعل تنظيفها صعباً، كما أن عدم إزالة شعر العانة يكون سبباً في الإصابة بالكثير من الأمراض البكتيريّة والفطريّة. لأن الشعر الطويل في هذه المناطق دائماً يكون رطباً مبلّلاً بالعرق الذي يحتوي على مواد تساعد على نمو البكتيريا والفطريّات في هذه المناطق. فالنظافة وقاية من الأمراض، والوقاية خير من العلاج. هكذا تعلّمنا.

2) الذين يقولون: إن الختان يسبّب فشل كلوي وعقم للفتاة أقول لهم: لقد ذكرت في هذا البحث أن عدم الختان وعدم نظافة هذه المنطقة هو السبب في هذه الأمراض.

3) الذين يقولون: إن الختان يسبّب نزيف حتّى الموت. أقول لهم: إن الختان جرح كأي جرح آخر في أيّة عمليّة جراحيّة، لا يحدث منه نزيف إلاّ في حالات ثلاث: الحالة الأولى: قيام جاهلين (حلاّقين ودايات) بهذه الجراحة. الحالة الثانية: إجراء الختان بطريقة خطأ كالتي يزال فيها كل البظر وكل الشفرين الصغيرين وكل الشفرين الكبيرين. فجرح مستعرض كهذا لا يمكن التحَكّم فيه من قِبَل الجاهلين القائمين به. والحالة الثالثة: هي أن بعض الناس يعانون من مرض سيولة الدم (عدم قدرة الدم على التجلط). وأقول لهؤلاء: هل عند إستئصال اللوزتين أو الزائدة الدوديّة أو إجراء عمليّة بالقلب أو غير ذلك من العمليّات الجراحيّة، هناك ما يمنع حدوث نزيف فيموت المريض نتيجة لهذا النزيف؟ فالختان السليم أبسط من هذه الجروح جميعاً إذا قام به أطبّاء متخصّصون (أمراض نساء أو جرّاحين).

4) الذين يقولون من الأطبّاء: إن ختان الإناث ليس من الصحّة. أقول لهم: إذا أكل أحدكم في طبق به لحم أو حساء أو بيض أو سمك أو لبن، وترك هذا الطبق به بقايا تلك الأطعمة يوم أو يومين دون تنظيف، هل سيأكل هذا الطبيب في ذلك الطبق دون غسيل؟ بالطبع لا. فالجاهل الذي لا يقرأ ولا يكتب لا تقبل نفسه مجرّد شم رائحة التعفّن الخارجة من الطبق. أمّا أنت أيها الطبيب فسوف تقول لنفسك فوراً: إن هذه الرائحة الكريهة ناتجة عن بكتيريا التسمّم الغذائي Clostridium botulinum التي تكاثرت على بقايا تلك الأطعمة والتي يسبّب القليل منها الموت. فإذا فكّر الجاهل في غسل هذا الطبق مرّة واحدة، فسيغسله هذا الطبيب عشر مرّات حتّى يغلب على ظنّه خلو الطبق من البكتيريا نهائيّاً. فهل يقبل أحد هؤلاء الأطبّاء جماع زوجة له بها منطقة دائمة التعفّن وبؤرة لنمو وتكاثر البكتيريا والفطريّات والفيروسات؟

5) الذين يقولون: إن ختان الأنثى كانت عادة موجودة في الجاهليّة. أقول لهم: نعم أنا أتّفق معكم في ذلك. ولكن هل هذه هي العادة الوحيدة التي كانت توجد قَبل الإسلام ثم أقرّها الإسلام؟ لا، فقد كانت توجد عادات كثيرة قَبل الإسلام منها: الصدق والكذب، الأمانة والخيانة، وأكل أموال الناس بالباطل، الصبر واليأس، العفّة والشرف، والزواج والبغاء وصاحبات الرايات الحمر، والسحاق واللواط، والعدل والظلم، والوفاء بالعهود والغدر، الكرم والبخل، الشجاعة والجبن، والمكر والخديعة، السحر، أكل الميّتة والدم ولحم الخنزير، وشرب الخمر ولعب الميسر، قطع الطريق والرق، نقص الميزان والمكيال، الديّوث المستحسن على أهله، بالإضافة إلى عادة الختان. فجاء الرسول الكريم برسالة الله إلى البشر وأحل الطيّب من هذه العادات وحرّم الخبيث منها. فكون الختان موجوداً قَبل الإسلام ليس سنداً لأن يتّخذه البعض نقطة ضعف يهدم بها صحّة أجيال وأجيال من الإناث.

وفي ختام بحثي هذا أحب أن أضيف أن ختان الأنثى لا يهم المرأة المسلمة فقط، بل يهم المرأة في كل بقعة من بقاع العالم أيّاً كانت ديانتها. فهي مسألة تحميها من الأمراض إذا أجريت بطريقة سليمة، على أيدي أطبّاء متخصّصين. فصحّة المرأة يترتّب عليها صحّة الأولاد والزوج. فمن ينادون الآن من الرجال بعدم ختان المرأة، هم أوّل من سيجني آثار المرض الناتج عن ذلك. فالأمراض التي تصيب المرأة في هذه المنطقة كما قلت تكون نتيجة للإصابة بالبكتيريا والفطريّات. وهذه البكتيريا وتلك الفطريّات سهلة الإنتقال إلى الرجل أثناء الجماع، وسيكون أيضاً مصيره كمصيرها فيصاب بالفشل الكلوي أو العقم، فضلاً عن أن وجود هذا الغشاء سيساعد على إنتشار مرض الإيدز لامتلاء هذا الغشاء بالفيروس الذي يجد الغذاء الكافي (بقايا دم حيض وإفرازات مهبليّة وحيوانات منويّة) للنمو والتكاثر حتّى ينتقل من الأنثى إلى الرجل وبذلك تعم البلوى.

ولتكن دعوانا في ختام هذا البحث كما بدأناه «ربّنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً» (الكهف 81:01).

ملحق 14: فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلميّة والإفتاء (السعوديّة / 1989)3

السؤال: سائل يقول إن نصرانياً وزوجته أرادا الدخول في الإسلام فأمرهما مقدّم الإستفتاء بغسل البدن وبالنطق بالشهادتين عن طوع ورضا واستسلام والختان. ويسأل هل هذا صحيح أو لا؟ ويرجو الكتابة إليه بأقوال السلف وبالكيفيّة التي كانت تجرى لدخول الكافر في الإسلام في عهد النبي (ص).

الجواب: إن طريقة رسول الله (ص) في دعوة الكفّار إلى الإسلام أن يأمرهم بشهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمّداً رسول الله. فإن هم أجابوه إلى ذلك دعاهم إلى بقيّة شرائع الإسلام حسب أهمّيتها وما تقتضيه الأحوال. وممّا ورد في ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن إبن العبّاس رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) لمّا بعث معاذاً إلى اليمن قال له: إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أوّل ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلاّ الله. وفي رواية أن يوحّدوا الله. فإن أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة. فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله إفترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم. فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب. ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد الساعدي أن النبي (ص) قال لعلي رضي الله عنه حينما أعطاه الراية يوم خيبر: أنفذ على رسلك حتّى تنزل بساحتهم ثم أدعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم. وفي رواية أخرى: فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلاّ الله وأن محمّداً رسول الله.

وقد إختلف السلف في حُكم الغسل بالنسبة لمن كان كافراً فأسلم فقال بوجوبه مالك وأحمد وأبو ثور رحمهم الله لما رواه أبو داوود عن النسائي عن قيس بن عاصم رضي الله عنه قال: «أتيت النبي (ص) أريد الإسلام فأمر أن أغتسل بماء وسدر». والأمر يقتضي الوجوب. وقال الشافعي وبعض الحنابلة يستحب أن يغتسل إلاّ أن يكون قد حدثت به جنابة زمن كفره فيجب عليه الغسل. وقال أبو حنيفة لا يجب عليه الغسل بحال وبكل حال فالمشروع له الغسل لهذا الحديث ولما في معناه.

وأمّا الختان فواجب على الرجال ومَكرُمَة في حق النساء. لكن لو أخّرت دعوة من رغب في الإسلام إلى الختان بعض الوقت حتّى يستقر الإسلام في قلبه ويطمئن إليه لكان حسناً خشية أن تكون المبادرة بدعوته إلى الختان منفّرة له من الإسلام.

وعلى هذا فما أمرت به الرجل وزوجته عند إسلامهما صحيح. وصلّى الله على نبيّنا محمّد وآله وصحبه وسلم.

ملحق 15: فتوى الأستاذ أحمد محمّد جمال (السعوديّة / 1994)4

أحد الطلاّب الجامعيين يقول في رسالته: إنه قرأ في إحدى المجلاّت النسائيّة العربيّة حواراً مع أحد الأطبّاء الكبار [...] يرى في ختان الأنثى بأنه عادة غير مفيدة صحّياً ولا نفسيّاً ولا فيسيولوجيّاً، وأن لها مضار أثناء الولادة حيث يضطر الأطبّاء إلى شق الإلتصاقات الناتجة عن الختان. كما أن ختان الأنثى معناه فقد عضو هام له علاقة بالسعادة الجنسيّة عند الزوجة. وعادة الختان هذه لم تكن معروفة في جزيرة العرب [...]

وجهة نظر الطبيب المحاور غير صحيحة. أوّلاً لأن عرب الجزيرة عرفوه ومارسوه. وثانياً لأن الرسول (ص) وجّه النساء اللاتي يباشرن عمليّات ختان البنات إلى الطريقة الصحيحة لجعل الختان سليماً لا يضر بالمرأة، وكشف عن السر والحِكمة فيه.

فهو، أي الختان، بصفة عامّة وكما جاء في المراجع الفقهيّة، واجب على الذكور ومَكرُمَة في حق الإناث وليس بواجب عليهن. وقد ثبت طبّياً وصحّياً الأثر الطيّب لختان الذكور. أمّا ختان الأنثى فهو مشروع ولكنّه ليس واجباً كختان الرجل. وقد روي عن النبي (ص) قوله «الختان سُنّة للرجال مَكرُمَة للنساء».

أمّا توجيه الحكيم في كيفيّة إجرائه بالنسبة للأنثى فهو قوله للخافضة، أي الخاتنة، وهي أم عطيّة، إمرأة كانت تختن البنات في المدينة المنورة على عهد الرسول (ص): «أشِمِّي ولا تُنهِكي فإنه أبهى للوجه وأحظى عند الزوج» أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

فهو قد نهى الخاتنة أن تستأصل العضو كلّه، وأمرها أن تكتفي بقطع الجلدة التي تكون في أعلى العضو كالنواة أو عرف الديك. وقد أورد ذلك الحافظ إبن حجر في كتابه (فتح الباري بشرح صحيح الإمام البخاري) نقلاً عن الماوردي أحد أئمّة الشافعيّة. كما أورد حديث أم عطيّة الذي ذكرناه آنفاً.

وبهذا يتبيّن أن ختان الأنثى كان معروفاً عند عرب الجزيرة وأن الإسلام أقرّه وعدّه مَكرُمَة للنساء لأنه يخفّف من حدّة الشهوة عندهن ويحتفظ في الوقت نفسه باستمتاعهن المشروع ما لم يستأصل العضو كلّه وهو ما نهى عنه الرسول (ص) في حديث أم عطيّة المذكور.

ملحق 16: فتوى الشيخ حسن مراد منّاع (الكويت / 1990)5

ما حُكم ختان البنات؟

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله (ص).

موضوع الختان بالنسبة للبنات وهو ما يسمّى بالخفاض إختلف فيه الأطبّاء بين مؤيّد ومعارض. والمطلوب هو رأي الفقهاء في ذلك. وقد ثبت من تتبّع أقوالهم أن ختان الذكر واجب شرعاً ولا خلاف بينهم في ذلك لأنه شعار المسلمين وكان في مِلّة إبراهيم عليه السلام.

أمّا ختان الأنثى فالصحيح عند الشافعيّة أنه واجب. وذهب الحنابلة كما في المغني لابن قدامة إلى أنه واجب في حق الذكور، وليس بواجب بل هو سُنّة وتكرمة في حق الإناث. وهو قول كثير من أهل العلم! وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنه سُنّة وليس بواجب. وبهذا يتّضح أن أكثر أهل العلم يرى أن خفاض الأنثى ليس واجباً. وعلى هذا فترك الختان للبنات لا يوجب الإثم كما أن من إختار الختان لا إثم عليه كذلك بل فعل السُنّة، لما أخرجه أبو داوود من حديث أم عطيّة. أن إمرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي: لا تُنهِكي فإن ذلك أحظى للمرأة. يعني لا تجوري.

وبهذا من فعله فلا إثم عليه، ومن تركه فلا إثم عليه وعند فعله تراعى وصيّة النبي التي وصّى بها المرأة التي كانت تباشر هذه العمليّة في المدينة. والله أعلم.

ملحق 17: فتوى الشيخ حسن أحمد أبو سبيب (السودان / 1984)6

رأي الدين الإسلامي في عمليّة الخفاض

قال الله تعالى في سورة الكهف: «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنّات الفردوس نزلاً خالدين فيها لا يبغون عنها حولاً. قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربّي لنفذ البحر قَبل أن تنفذ كلمات ربّي ولو جئنا بمثله مداداً قل إنّما أنا بشر مثلكم يوحى إلي إنّما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربّه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربّه أحداً» (الكهف 107:18-110). صدق الله العظيم.

ويقول الله تعالى «وقد كرّمنا بني آدم» (الإسراء 70:17). ويقول الرسول (ص) «من أحيا نفساً فكأنما أحيا الناس جميعاً».

أيها السادة: ندرك ممّا تقدّم من الآيات والأحاديث أن الإسلام إهتم في تشريعاته كلّها بما يتعلّق بسعادة الإنسان. وقد أستنت من التشريعات ما يحافظ على دمه وماله وعرضه. وقد حثّه على العمل الصالح والمحافظة على نظافة جسمه وسلامة جوارحه وعدم تعرّضه للأذى. ويحدّثنا رواة الحديث أن النبي (ص) كان يجلس مع أصحابه ويوقد مصباحاً فانطفأ ذلك المصباح وتحوقل النبي أي قال لا حول ولا قوّة إلاّ بالله فقال له أصحابه أيعتبر انطفاء المصباح مصيبة فقال كل شيء يؤذي المؤمن فهو مصيبة.

من هنا يتبيّن لنا أن الدين يحارب كل شيء يتسبّب في تعريض حياة الإنسان إلى الأذى جسيماً كان أم بسيطاً فهو مخلوق كرّمه الله على سائر المخلوقات. لذلك لا عجب أن نلتقي اليوم لنتصدّى بالحديث والبحث في أمر يهم المجتمع الإنساني على نطاق هذه المعمورة. ورسول الله يقول من لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم. وهذا أمر يهم المسلمين وغيرهم من بني البشر فنرجو من الله التوفيق والسداد بالوصول إلى نتائج تدرأ الخطر الناتج عن بعض العادات الضارّة بحياة الطفولة والمجتمع الإنساني.

الختان والخفاض:

لا بد لنا أن نوضّح أن الختان خاص بالرجال والخفاض خاص بالمرأة. بالنسبة للرجل فالأمر واضح من الناحية الطبّية فهو مهم لأمور تحدّث عنها علماء الطب وسيكون حديثنا عن عمليّة الخفاض.

فالخفاض عمليّة قد تكون موغلة في القدم أحاط لمعرفتها كل الناس من فجر التاريخ يمارسونها حتّى جاء الإسلام. فما رأي الإسلام في هذه العمليّة، عمليّة الخفاض كما يسمّى؟

أوّلاً: نستطيع أن نقول بوضوح تام أن هذه العمليّة لو كانت تمت إلى الدين بصلة من قريب أو بعيد لسمّيت بالخفاض الإسلامي.

ثانياً: لم يعرف لها مصدر أو مرتكز وهل كان مصدرها التفكير البشري وهداية الفطرة في إزالة بعض الزوائد أو يكون في بقائها شيء من الأذى والقذر أم كان مصدرها تعليماً دينيّاً ظهر على لسان نبي أو رسول في حقب التاريخ. والذي يعنينا في الأمر الآن علاقته بالدين وحُكم الإسلام فيه.

أيها السادة: إن الإسلام إهتم بالمرأة إهتماماً بالغاً وعظيماً. فنجد في القرآن سورة النساء. ونجد أحاديث الرسول (ص): رفقاً بالعذارى فإنهن خلقن من ضلع أعوج؛ والجنّة تحت أقدام الأمّهات؛ وطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة.

وأفرد الإسلام أبواباً خاصّة بالمرأة: الحيض والنفاس والحمل والرضاعة وعدّة المرأة والمطلّقة والمتوفّى عنها زوجها والخطبة. وقد أفرد في ذلك نصوصاً ولم نجد بين تلك النصوص والإهتمامات بشئون المرأة في الإسلام ما يشير إلى أهمّية الخفاض. وذلك بحسبان أن هذه العادة دخيلة على الإسلام ولا تشكّل في نظر الإسلام أهمّية. ولو كانت كذلك لاهتم بها الدين الإسلامي. ومن الأشياء الهامّة في الفقه الإسلامي أصول الفقه وهي الفرض والركن الواجب والسُنّة والمندوب. ولم نجد للخفاض مدخلاً واحداً من هذه الأبواب.

هناك بعض الناس أوردوا حديثاً ضعيفاً لم يؤخذ به في هذا الشأن. والحديث يقول للمرأة الخافضة: أخفضي ولا تُنهِكي. إستدل بعض الناس بأن الختان هو أحد الأمور التي أبتلى بها سيّدنا إبراهيم عليه السلام والتي ذكرها بعنوان الكلمات «إذ إبتلى إبراهيم ربّه بكلمات فأتمّهن» (البقرة 124:2). وروي عن إبن العبّاس تلك الكلمات هي الخصال الخمس في الفطرة وهي الختان للرجل وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر وإزالة العانة.

ولعلّني أوافق ما جاء في قول الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق: ليس في الختان ما يصح أن يكون دليلاً على السُنّة الفقهيّة ولا خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع. والذي أراه أن حُكم الشرع في الختان لا يخضع لنص منقول وإنّما يخضع في الذكر والأنثى لقاعدة شرعيّة عامّة هي: إن إيلام الحي لا يجوز شرعاً إلاّ لمصلحة تعود عليه وتربو على الألم الذي يلحقه. وقد برهن الأطبّاء بما لا يدع مجالاً للشك بأن كثيراً من المعاناة في الدورة الشهريّة والحمل والولادة والعقم يرجع إلى ما يسمّى بالخفاض. ويرى بعض الأطبّاء أن الخفاض يضعف الغريزة الجنسيّة فيحتاج الرجل إلى الإستعانة بمواد قد تفسد عليه صحّته العقليّة والبدنيّة.

يقول بعض الناس أن الخفاض فيه حفظ على شرف المرأة. وهذا القول مردود لأن العزّة والشرف ليس في الخفاض وإنّما هي تربية وسلوك وخلق. هناك قاعدة فقهيّة هامّة للغاية يجب أن نعيها ولا نغفل عنها: وهي أن الإسلام أمرنا أن نأخذ برأي الطبيب في ركن من أركان الإسلام وهو الصوم. فإذا ما نصحنا الطبيب بعدم الصوم الذي ربّما تعرّضنا بسببه للهلاك. فما بالنا وقد قدّم لنا الأطبّاء النصح بل وضعوا أيدينا على الخطر الكبير الذي تتعرّض له المرأة بسبب الخفاض. فما دمنا قد أخذنا بنصحه وتوجيهه في الصوم وهو ركن من أركان الإسلام فيجب علينا أن نحارب هذه العادة وهي ليست بفرض ولا ركن ولا واجب ولا سُنّة ولا تسمو لدرجة المندوب، بل كل ما قيل عنها أنها مَكرُمَة وأثبت الطب بطلان هذا القول.

ومن هنا يتّضح لنا أن خفاض الأنثى ليس لدينا ما يدعو إليه لا شرعاً ولا خلقاً ولا طبّاً.

لقد آن الأوان لتبصير المجتمع واستخدام وسائل الإعلام وقيام رجال الدين بدورهم المتعاظم في نشر الوعي وعقد المؤتمرات ونشر الكتيّبات وتأكيد رأي الدين في محاربته لهذه العادة التي قد تؤدّي إلى إنقراض الجنس البشري وانتشار الأوبئة. وإن الإسلام الذي قال رسول الله (ص) «فر من االمجذوم كما تفر من الأسود»، هو الإسلام الذي يحافظ على سلامة أجسام الناس وصحّة الناس وينهاهم أن يلقوا بأيديهم إلى التهلكة. ويقول (ص) وهو يحذّر من التعرّض بالأذى للمسلم: «من آذى مسلماً فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله».

وقد أجمع علماء الطب أن الخفاض ضرب من ضروب الأذى وقد إستمعت من قَبل في ورشة العمل التي عقدتها جمعيّة بابكر بدري العلميّة والتي ضمّت كبار علماء الطب وعلماء التربية وعلماء الدين. وقد بين لنا الدكتور «آبو» الخطر المذهل الذي تتعرّض له الطفولة والأمومة بسبب الخفاض ورأي الدين يتّفق مع الطب تماماً في درأ الخطر.

ومن هذا المنطق إن العلم بتطوّره وتقدّمه يتّفق مع الدين في محاربة وإزالة العادات التي تضر بسلامة الإنسان وتحد من نشاطه وتقدّمه أو تحول بينه وبين ما خلق الله من طيّبات الحياة. والرسول (ص) يقول: «أن الله جميل يحب الجمال». ويقول (ص) حين رفع يديه إلى السماء يطلب من الله أن يمنحه أربعة أشياء فقال: «اللهم أغنني بالعلم وأكرمني بالتقوى وجمّلني بالعافية وزيّني بالحلم».

وهكذا نجد أن العافية تتمثّل في الإعتناء بصحّة وسلامة الإنسان هي التي حث عليها الدين وكان حرباً على الجهل والفقر والمرض ومسبّباته من عادات بالية أثبت الطب عدم جدواها وأكّد خطورتها ليس فقط بالقول فحسب ولكن بالعمل المجد الملموس وكان من أخطرها الخفاض الذي أصبح ضرره أكثر من نفعه.

في الختام فإن الدين الذي يقوم على مصادر هي القرآن والسُنّة والقياس والإجماع يدعو إلى التمسّك بالأصلح والأنفع ويقول لنا رسوله «أنتم أعلم بشئون دنياكم». ودنيانا اليوم هي دنيا العلم والتقدّم والرقي وقد إستخلفنا الله في الأرض لعمارتها بالخير.

ملحق 18: سُنَن الختان في الأولاد (إيران / 1990)7

1) لزوم الختان ولو بعد سنين

1- محمّد بن علي بن الحسين، بإسناده عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام، قال: قال علي عليه السلام: لا بأس بأن لا تختتن المرأة، فأمّا الرجل فلا بد منه8.

2- في عيون الأخبار، بإسناده عن الفضل بن شاذان، عن الرضا عليه السلام، أنه كتب إلى المأمون: والختان سُنّة واجبة للرجال، ومَكرُمَة للنساء9.

3- محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال قال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا أسلم الرجل إختتن ولو بلغ ثمانين سنة. ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله10.

4- عن علي بن إبراهيم وأحمد بن مهران جميعاً، عن محمّد بن علي، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر، عن أبي إبراهيم عليه السلام، في حديث طويل، أن رجلاً من الرهبان أسلم على يده - إلى أن قال: فدعا أبو إبراهيم عليه السلام بجبّة خز وقميص قوهي وطيلسان وخف وقلنسوة فأعطاه إيّاه وصلّى الظهر وقال: إختتن. فقال: قد إختتنت في سابعي11.

5- بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال علي عليه السلام: وجدنا صحيفة أن الأغلف لا يترك في الإسلام حتّى يختتن ولو بلغ مائتي سنة12.

6- الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق، نقلاً من طب الأئمّة عليهم السلام، عن النبي صلّى الله عليه وآله، أنه قال: أختنوا أولادكم يوم السابع، فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم. وقال: إن الأرض تنجّس ببول الأغلف أربعين صباحاً13.

7- فقه الرضا عليه السلام: وسمّه اليوم السابع وأختنه واثقب أذنه - الخ14.

8- الجعفريّات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي عليهم السلام، قال: وجدنا في قائم سيف رسول الله صلّى الله عليه وآله في صحيفة: إن الأغلف لا يترك في الإسلام حتّى يختن ولو بلغ ثمانين سنة15.

9- وبهذا الإسناد، عن علي عليه السلام، قال: أوّل من قاتل في سبيل الله، إبراهيم عليه السلام، إلى أن قال: وأوّل من إختتن إبراهيم، إختتن بالقدوم على رأس ثمانين سنة من عمره. ورواهما في دعائم الإسلام، مثله16.

2) إن الختان من الحنيفيّة وإنه من سُنَن الأنبياء

1- محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة إبن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام: قال: إن ثقب أذن الغلام من السُنّة وختانه لسبعة أيّام من السُنّة17.

2- عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عيسى، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: [...] وختان الغلام من السُنّة18.

3) عن محمّد بن يعقوب، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن القاسم بن بريد، عن أبي بريد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: من سُنَن المرسلين الإستنجاء والختان. ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، مثله19.

4- عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: من الحنيفيّة الختان20.

5- عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي محبوب، عن محمّد بن قذعة، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن من عندنا يقولون: إن إبراهيم عليه السلام ختن نفسه بقدوم على دن، فقال: سبحان الله ليس كما يقولون، كذبوا على إبراهيم عليه السلام، فقلت: كيف ذلك؟ قال: إن الأنبياء كانت تسقط عنهم غلفتهم مع سررهم في اليوم السابع فلمّا ولد لإبراهيم من هاجر عيّرت سارة هاجر بما تعيّر به الإماء فبكت هاجر واشتد ذلك عليها. فلمّا رآها إسماعيل تبكي بكى لبكائها. فدخل إبراهيم عليه السلام فقال: ما يبكيك يا إسماعيل؟ فقال إن سارة عيّرت أمي بكذا وكذا فبكت وبكيت لبكائها. فقام إبراهيم إلى مصلاّه فناجى فيه ربّه وسأله أن يلقي ذلك عن هاجر فألقاه الله عنها فلمّا ولدت سارة إسحاق وكان يوم السابع سقطت عن إسحاق سرّته ولم تسقط عنه غلفته فحرجت من ذلك سارة، فلمّا دخل إبراهيم قالت له: ما هذا الحادث الذي حدث في آل إبراهيم وأولاد الأنبياء؟ هذا إبني إسحاق قد سقطت عنه سرّته ولم تسقط عنه غلفته - إلى أن قال: فأوحى الله عز وجل إليه أن يا إبراهيم هذا لمّا عيّرت سارة هاجر فآليت أن لا أسقط ذلك عن أحد من أولاد الأنبياء لتعيير سارة هاجر فاختن إسحاق بالحديد وأذقه حر الحديد. قال فختنه إبراهيم بالحديد وجرت السُنّة بالختان في أولاد إسحاق بعد ذلك. ورواه الصدوق في العلل، عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب جميعاً، عن الحسن بن محبوب، إلاّ أنه قال: فجرت السُنّة في الناس بعد ذلك. ورواه البرقي في المحاسن، عن أبيه، عن إبن محبوب، نحوه21.

6- عن عيون الأخبار، بإسناده عن الفضل بن شاذان، عن الرضا عليه السلام، أنه كتب إلى المأمون: والختان سُنّة واجبة للرجال، ومَكرُمَة للنساء22.

7- العيّاشي في تفسيره، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: ما بقّت السُنّة شيئاً حتّى إن منها قص الشارب والأظفار والأخذ من الشارب والختان23.

8- عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليه السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إن الله عز وجل بعث خليله بالحنيفيّة، وأمره بأخذ الشارب وقص الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة والختان24.

9- محمّد بن علي بن الحسين في كتاب إكمال الدين، عن عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن محمّد بن الحسين بن يزيد [زيد - خ] عن أبي أحمد محمّد بن زياد الأزدي يعني إبن أبي عمير، قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام، يقول لمّا ولد الرضا عليه السلام: إن إبني هذا ولد مختوناً وطاهراً مطهّراً، وليس من الأئمّة عليهم السلام أحد يولد إلاّ مختوناً طاهراً مطهّراً، ولكنا سنمر الموسى لإصابة السُنّة وإتّباع الحنيفيّة25.

10- عن علي بن الحسين بن الفرج المؤذن، عن محمّد بن الحسن الكرخي، عن أبي هارون، رجل من أصحابنا في حديث: إن صاحب الزمان عليه السلام ولد مختوناً وأن أبا محمّد عليه السلام قال: هكذا ولد، وهكذا ولدنا، ولكنا سنمر عليه الموسى لإصابة السُنّة26.

11- محمّد بن يعقوب، عن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: ختان الغلام من السُنّة وخفض الجارية ليس من السُنّة27.

12- محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن سعيد، عن بعض أصحابه، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: الختان سُنّة في الرجال، ومَكرُمَة في النساء28.

13- إبن الوليد، عن الصفّار، عن البرقي عن إبن فضال، عن الحسن بن الجهم، قال: قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: خمس من السُنَن في الرأس وخمس في الجسد: أمّا التي في الرأس فالسواك وأخذ الشارب وفرق الشعر والمضمضة والإستنشاق. وأمّا التي في الجسد فالختان وحلق العانة ونتف الإبطين وتقليم الأظفار والإستنجاء29.

14- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: خمس من الفطرة: تقليم الأظفار وقص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة والإختتان30.

15- أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبي الجوزا، قال: الأغلف لا يؤم القوم وإن كان أقرأهم، لأنه ضيّع من السُنّة أعظمها، ولا تُقبل له شهادة ولا يُصلّى عليه إذا مات إلاّ أن يكون ترك ذلك خوفاً على نفسه31.

16- عن النبي صلّى الله عليه وآله: الختان سُنّة للرجال، مَكرُمَة للنساء32.

17- وقال الصادق عليه السلام: الختان سُنّة في الرجال، مَكرُمَة للنساء33.

18- الجعفريّات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، قال: حدّثنا أبي عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي عليه السلام، قال: قيل لإبراهيم خليل الرحمن عليه السلام: تطهّر فأخذ من أظفاره، ثم قيل له: تطهّر فنتف تحت جناحيه. ثم قيل له: تطهّر فحلق هامته. ثم قيل له: تطهّر فاختتن34.

19- دعائم الإسلام، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، أنه قال: الختان الفطرة35.

20- فقه الرضا عليه السلام: قال الله تعالى لنبيّه صلّى الله عليه وآله: «واتّبع مِلّة إبراهيم حنيفاً» (النحل 123:16) فهي عشرة سُنَن - إلى أن قال: والإستنجاء والختان36.

3) عِلّة الختان فإنه أطهر وأن الأرض تضج من بول الأغلف

1- الحسن الطبرسي في مكارم الأخلاق، قال: قال عليه السلام: سبع خصال في الصبي إذا ولد من السُنّة: أوّلاهن يسمّى، والثانية يحلق رأسه والثالث يتصدّق بوزن شعره ورقاً أو ذهباً إن قدر عليه، والرابعة يعق عنه، والخامسة يلطّخ رأسه بالزعفران، والسادسة يطهّر بالختان، والسابعة يطعم الجيران من عقيقته37.

2- محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، ومحمّد بن عبد الله بن جعفر جميعاً، عن عبد الله بن جعفر، أنه كتب إلى أبي محمّد عليه السلام، أنه روى عن الصادقين عليهم السلام: إن أختنوا أولادكم يوم السابع يطهروا، فإن الأرض تضج إلى الله عز وجل من بول الأغلف - الخبر. ورواه الصدوق بإسناده عن عبد الله بن جعفر الحميري، مثله38.

3- عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: طهّروا أولادكم يوم السابع فإنه أطيب وأطهر وأسرع لنبات اللحم، وإن الأرض تنجّس من بول الأغلف أربعين صباحاً. ورواه الصدوق في الخصال، عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، مثله. وبإسناده عن علي عليه السلام في حديث الأربعمائة، مثله. وزاد بعد قوله «يوم السابع: ولا يمنعكم حر ولا برد». ورواه الحميري في قرب الإسناد، عن الحسن بن ظريف، عن الحسن بن علوان، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه عليه السلام، مثله وترك الزيادة39.

4- وعنه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: أختنوا أولادكم لسبعة أيّام فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم، وإن الأرض تكره بول الأغلف. ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب40.

5- أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في الإحتجاج، عن أبي عبد الله عليه السلام في سؤال الزنديق، قال: أخبرني هل يعاب شيء من خلق الله؟ قال: لا. قال: فإن الله خلق خلقه غرلاً فلم غيّرتم خلق الله، وجعلتم فعلكم في قطع الغلفة أصوب ممّا خلق الله، وعبتم الأغلف والله خلقه، ومدحتم الختان وهو فعلكم، أم تقولون: إن ذلك كان من الله خطأ غير حِكمة؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: ذلك من الله حِكمة وصواب غير أنه سن ذلك وأوجبه على خلقه كما أن المولود إذا خرج من بطن أمّه وجدتم سرّته متّصلة بسرّة أمّه كذلك أمر الله الحكيم فأمر العباد بقطعها، وفي تركها فساد بين المولود والأم، وكذلك أظفار الإنسان أمر إذا طالت أن تقلّم، وكان قادراً يوم دبّر خلقة الإنسان أن يخلقها خلقة لا تطول، وكذلك الشعر في الشارب والرأس يطول ويجز، وكذلك الثيران خلقها فحولة وإخصاؤها أوفق، وليس في ذلك عيب في تقدير الله عز وجل41.

6- محمّد بن علي بن الحسين في كتاب إكمال الدين، بالإسناد عن أبي الحسين محمّد بن جعفر الأسدي فيما ورد عليه من التوقيع، عن محمّد بن عثمان العمري في جواب مسائله، عن صاحب الزمان عليه السلام، قال: وأمّا ما سألت عنه من أمر المولود الذي تنبت غلفته بعد ما يختن هل يختن مرّة أخرى. فإنه يجب أن تقطع غلفته فإن الأرض تضج إلى الله عز وجل من بول الأغلف أربعين صباحاً42.

7- محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن مرازم بن حكيم، عن أبي عبد الله عليه السلام في الصبي إذا ختن، قال: يقول: «اللهم هذه سُنّتك وسُنّة نبيّك صلّى الله عليه وآله وإتّباع منّا لك ولدينك بمشيئتك وبإرادتك لأمر أردته وقضاء حتّمته وأمر أنفذته فأذقته حر الحديد في ختانه وحجامته لأمر أنت أعرف به منّي، اللهم فطهّره من الذنوب وزد في عمره وادفع الآفات عن بدنه والأوجاع عن جسمه وزده من الغنى وادفع عنه الفقر فإنك تعلم ولا نعلم». قال أبو عبد الله عليه السلام: من لم يقلها عند ختان ولده فليقلها عليه من قَبل أن يحتلم فإن قالها كفى حر الحديد من قتل أو غيره43.

8- عن الصادق عليه السلام في الصبي إذا ختن، قال: يقول: «اللهم هذه سُنّتك وسُنّة نبيّك صلواتك عليه وآله وإتّباع مثالك وكتبك بمشيئتك وإرادتك وقضائك لأمر أردته وقضاء حتّمته وأمر أنفذته فأذفته حر الحديد في ختانه وحجامته لأمر أنت أعرف به منّا. اللهم طهّره من الذنوب وزد في عمره وادفع الآفات عن بدنه والأوجاع في جسمه وزده من الغنى وادفع عنه الفقر فإنك تعلم ولا نعلم»44.

9- من طب الأئمّة، عن النبي صلّى الله عليه وآله، قال: أختنوا أولادكم في السابع، فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم. وقال: إن الأرض تنجّس ببول الأغلف أربعين يوماً45.

10- الصدوق في الهداية، عن الصادق عليه السلام، أنه قال: ... وفي حديث آخر: إن الأرض تضج إلى الله من بول الأغلف46.

11- دعائم الإسلام، عن علي عليه السلام، أنه قال: أسرعوا بختان أولادكم فإنه أطهر لهم47.

4) الدعاء عند الختان

1- محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن مرازم بن حكيم، عن أبي عبد الله عليه السلام في الصبي إذا ختن، قال: «اللهم هذه سُنّتك وسُنّة نبيّك صلّى الله عليه وآله وإتّباع منّا لك ولدينك بمشيئتك وبإرادتك لأمر أردته وقضاء حتّمته وأمر أنفذته فأذقته حر الحديد في ختانه وحجامته لأمر أنت أعرف به منّي، اللهم فطهّره من الذنوب وزد في عمره وادفع الآفات عن بدنه والأوجاع عن جسمه وزده من الغنى وادفع عنه الفقر فإنك تعلم ولا نعلم». قال: وقال أبو عبد الله عليه السلام: ومن لم يقلها عند ختان ولده فليقلها عليه من قَبل أن يحتلم فإن قالها كفى حر الحديد من قتل وغيره48.

2- عن الصادق عليه السلام في الصبي إذا ختن، قال: يقول: «اللهم هذه سُنّتك وسُنّة نبيّك صلواتك عليه وآله وإتّباع مثالك وكتبك بمشيئتك وإرادتك وقضائك لأمر أردته وقضاء حتّمته وأمر أنفذته فأذفته حر الحديد في ختانه وحجامته لأمر أنت أعرف به منّا، اللهم طهّره من الذنوب وزد في عمره وادفع الآفات عن بدنه والأوجاع في جسمه وزده من الغنى وادفع عنه الفقر فإنك تعلم ولا نعلم»49.

5) فضل الوليمة في الختان

النوفلي، عن السكوني، بإسناده، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله، الوليمة في أربع: العرس، والخرس وهو المولود يعق عنه ويطعم له، وإعذار وهو ختان الغلام، والإياب وهو الرجل يدعو إخوانه إذا آب من غيبته50.

6) إن أوّل من إختتن آدم وإبراهيم عليهما السلام

1- محمّد بن علي بن الحسين في عيون الأخبار، عن محمّد بن عمر البصري، عن محمّد بن عبد الله الواعظ، عن عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي، عن أبيه، عن الرضا، عن آبائه، عن علي عليهم السلام في حديث الشامي، أنه سأله عن أوّل من أمر بالختان، فقال: إبراهيم - الخبر51.

2- الجعفريّات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي عليهم السلام، قال: أوّل من قاتل في سبيل الله إبراهيم عليه السلام - إلى أن قال: وأوّل من أختن إبراهيم أختن بالقدوم على رأس ثمانين سنة من عمره52.

3- الشيخ المفيد في الإختصاص، عن إبن عبّاس في حديث مسائل عبد الله بن سلام، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله - إلى أن قال: قال: من أختن لآدم؟ قال: إختتن بنفسه. قال: ومن إختتن بعد آدم؟ قال: إبراهيم خليل الرحمن. قال: صدقت يا محمّد53.

7) أفضل الأوقات للختان يوم السابع

1- محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن ثقب أذن الغلام من السُنّة وختانه لسبعة أيّام من السُنّة54.

2- محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى ومحمّد بن عبد الله بن جعفر جميعاً، عن عبد الله بن جعفر، أنه كتب إلى أبي محمّد عليه السلام، أنه روي عن الصادقين عليهم السلام أن أختنوا أولادكم يوم السابع يطهروا، فإن الأرض تضج إلى الله عز وجل من بول الأغلف، وليس جعلني الله فداك لحجّامي بلدنا حذق بذلك، ولا يختنونه يوم السابع، وعندنا حجّامو اليهود فهل يجوز لليهود أن يختنوا أولاد المسلمين أم لا إن شاء الله؟ فوقَّع عليه السلام: السُنّة يوم السابع، فلا تخالفوا السُنَن إن شاء الله55.

3- عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: طهّروا أولادكم يوم السابع فإنه أطيب وأطهر وأسرع لنبات اللحم، وإن الأرض تنجّس من بول الأغلف أربعين صباحاً. ورواه الصدوق في الخصال، عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، مثله وبإسناده عن علي عليه السلام في حديث الأربعمائة، مثله وزاد بعد قوله: يوم السابع: ولا يمنعكم حر ولا برد56.

4- وعنه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: أختنوا أولادكم لسبعة أيّام، فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم، وأن الأرض لتكره بول الأغلف. ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب57.

5- محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد. عن الحسين بن علي بن يقطين، عن أخيه الحسن، عن أبيه علي بن يقطين، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن ختان الصبي لسبعة أيّام من السُنّة هو، أو يؤخّر فأيهما أفضل؟ قال: لسبعة أيّام من السُنّة، وإن أخِّر فلا بأس. ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله58.

6- عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيّرة، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: المولود يعق عنه ويختن لسبعة أيّام59.

7- عبد الله بن جعفر في قرب الإسناد، عن الحسن بن ظريف، عن الحسين بن عنوان، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام، قال: سمّى رسول الله صلّى الله عليه وآله الحسن والحسين عليهما السلام لسبعة أيّام وعق عنهما لسبع وختنهما لسبع - الخبر60.

8- أبي، عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال: أختنوا أولادكم يوم السابع فإنه أطهر وأطيب وأسرع لنبات اللحم، فإن الأرض تنجّس من بول الأغلف أربعين صباحاً61.

9- بالأسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه صلوات الله عليهم، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: أختنوا أولادكم يوم السابع، فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم62.

10- فقه الرضا عليه السلام: وسمّه اليوم السابع وأختنه واثقب أذنه واحلق رأسه وزن شعره بعدما تجفّفه بفضّة أو بالذهب وتصدّق بها وعق عنه كل ذلك في اليوم السابع - الخبر63.

8) ليس على النساء ختان وخفضها مَكرُمَة لها

1- محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليه السلام، قال: قال علي عليه السلام: لا بأس بأن لا تختتن المرأة، فأمّا الرجل فلا بد منه64.

2- محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن محمّد، عن إبن محبوب، عن إبن رئاب، عن أبي بصير يعني المرادي، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجارية تسبى من أرض الشرك فتسلم فيطلب لها من يخفضها فلا يقدر على إمرأة. فقال: أمّا السُنّة فالختان على الرجال، وليس على النساء65.

3- عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: خفض النساء مَكرُمَة، وليس من السُنّة ولا شيئاً واجباً، وأي شيء أفضل من المَكرُمَة؟66

4- محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: الختان سُنّة في الرجال ومَكرُمَة في النساء67.

5- فيما كتب الرضا عليه السلام للمأمون: العقيقة عن المولود الذكر والأنثى واجبة، وكذلك تسميته وحلق رأسه يوم السابع ويتصدّق بوزن الشعر ذهباً أو فضّة، والختان سُنّة واجبة للرجال ومَكرُمَة للنساء68.

6- عن النبي صلّى الله عليه وآله: الختان سُنّة للرجال ومَكرُمَة للنساء69.

7- قال الصادق عليه السلام: الختان سُنّة في الرجال مَكرُمَة للنساء70.

9) عدم الإستئصال في خفض النساء وإبقاء شيء منها للذّاتهن

1- ومن تهذيب الأحكام عن الصادق عليه السلام، قال: لمّا هاجرت النساء إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، هاجرت فيهن إمرأة يقال لها أم حبيبة وكانت خافضة تخفض الجواري. فلمّا رآها رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لها: يا أم حبيبة، العمل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم؟ قالت: نعم يا رسول الله، إلاّ أن يكون حراماً فتنهاني عنه. قال: لا بل حلال فادني منّي حتّى أعلّمك. قال: فدنت منه. فقال: يا أم حبيبة إذا أنت فعلت فلا تُنهِكي أي لا تستأصلي وأشِمِّي فإنه أشرق للوجه وأحظى عند الزوج. قال: فكانت لأم حبيبة أخت يقال لها أم عطيّة، وكانت مقيّنة يعني ماشطة. فلمّا إنصرفت أم حبيبة إلى أختها، أخبرتها بما قال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله. فأقبلت أم عطيّة إلى النبي، فأخبرته بما قالت لها أختها. فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله: ادني منّي يا أم عطيّة، إذا أنت قيّنت الجارية فلا تغسلي وجهها بالخرقة، فإن الخرقة تذهب بماء الوجه71.

2- الجعفريّات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه: إن عليّاً عليه السلام قال: يا معشر الناس، إذا خفضن بناتكم فبقّين من ذلك شيئاً فإنه أنقى لألوانهن وأحظى لهن72.

3- وبهذا الإسناد، عن جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: أخبرني جدّي القسم بن محمّد بن أبي بكر، عن عايشة، أنها كانت تقول: يا معشر النساء، إذا خفضن بناتكن فبقّين إبقاء للذّاتهن في الأزواج73.

01) أوّل من إختتن من النساء هاجر أم إسماعيل عليه السلام

1- محمّد بن علي بن الحسين في عيون الأخبار، عن محمّد بن عمر البصري، عن محمّد بن عبد الله الواعظ، عن عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي، عن أبيه، عن الرضا، عن آبائه، عن علي عليهم السلام في حديث الشامي، أنه سأله عن أوّل من أمر بالختان. فقال إبراهيم. وسأله عن أوّل من خفض

1 العق من العقيقة، وهي ما يذبح عن الطفل يوم سابعه، وهي سُنَّة عن الرسول، تفيد أن الولد يذبح عنه شاتين، أمّا البنت فشاة واحدة.

2 ورد هذا النص كملحق مرفق بالكتيّب.

3 مجلّة البحوث الإسلاميّة، الرياض، عدد 25، 1409 هـ، 1989 م، ص 61-62. تحمل الفتوى رقم 1557 وتاريخ 23/5/1397 هـ.

4 جمال، أحمد محمّد: يسألونك، دار إحياء العلوم، بيروت، طبعة 3، 1994، ص 770-771. والمؤلّف أستاذ التفسير بجامعة أم القرى في مكّة. إعتمدنا في تاريخ هذه الفتوى على تاريخ الطبعة الثالثة من الكتاب.

5 منّاع، حسن مراد: فتاوى وتوجيهات، دار الصفوة، الكويت، طبعة 2، 1990، ص 81. والمؤلّف مستشار شرعي بوزارة الأوقاف والشئون الإسلاميّة بالكويت. إعتمدنا في تاريخ هذه الفتوى على تاريخ الطبعة الثانية من الكتاب.

6 أبو سبيب: نص عربي في Rapport du séminaire sur les pratiques traditionnelles, p. 247-250. والمؤلّف شيخ في جامع في أم درمان في السودان. إعتمدنا في تاريخ هذه الفتوى على تاريخ المؤتمر.

7 الطفل نشوؤه وتربيته، قسم الأطفال والناشئين لمؤسّسة البعثة (بنياد بعثت)، طهران، 1410 هـ، ص 135-151.

8 الوسائل: جـ 15 ص 163 ح 8.

9 الوسائل: جـ 15 ص 163 ح 9.

10 الوسائل: جـ 15 ص 163 ح 1.

11 الوسائل: جـ 15 ص 163 ح 2.

12 البحار: جـ 104 ص 125 ح 83.

13 مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 38 ص 622 ح 4.

14 مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 39 ص 622 ح 1.

15 مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 40 ص 622 ح 1.

16 مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 40 ص 622 ح 2.

17 الوسائل: جـ 15 ص 159 ح 1.

18 الوسائل: جـ 15 ص 160 ح 3.

19 الوسائل: جـ 15 ص 161 ح 2.

20 الوسائل: جـ 15 ص 161 ح 3.

21 الوسائل: جـ 15 ص 161 ح 6.

22 الوسائل: جـ 15 ص 163 ح 9.

23 الوسائل: جـ 15 ص 163 ح 10.

24 الوسائل: جـ 15 ص 163 ح 11.

25 الوسائل: جـ 15 ص 164 ح 1.

26 الوسائل: جـ 15 ص 164 ح 2.

27 الوسائل: جـ 15 ص 167 ح 2.

28 الوسائل: جـ 15 ص 168 ح 1.

29 البحار: جـ 104 ص 109 ح 10.

30 البحار: جـ 104 ص 109 ح 11.

31 البحار: جـ 104 ص 112 ح 24.

32 البحار: جـ 104 ص 123 ح 73.

33 البحار: جـ 104 ص 126 ح 90.

34 مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 38 ص 622 ح 1.

35 مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 38 ص 622 ح 2.

36 مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 38 ص 622 ح 5.

37 الوسائل: جـ 15 ص 142 ح 17.

38 الوسائل: جـ 15 ص 161 ح 3.

39 الوسائل: جـ 15 ص 161 ح 4.

40 الوسائل: جـ 15 ص 161 ح 5.

41 الوسائل: جـ 15 ص 162-163 ح 7.

42 الوسائل: جـ 15 ص 167 ح 1.

43 الوسائل: جـ 15 ص 169 ح 1.

44 البحار: جـ 104 ص 124 ح 75.

45 البحار: جـ 104 ص 124 ح 78. وفي الوسائل: جـ 15 ص 165 ح 3، عن عيون الأخبار: ص 197، وعن صحيفة الرضا: ص 3، زاد في نسخة منه: «وأروح للقلب».

46 مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 38 ص 622 ح 3.

47 مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 39 ص 622 ح 2.

48 الوسائل: جـ 15 ص 169 ح 1.

49 البحار: جـ 104 ص 124 ح 75.

50 البحار: جـ 104 ص 115 ح 37.

51 الوسائل: جـ 15 ص 168 ح 2.

52 ورواهما في دعائم الإسلام، مثله مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 40 ص 622 ح 2.

53 مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 79 ص 635 ح 12.

54 الوسائل: جـ 15 ص 159 ح 1. وفي البحار: جـ 104 ص 108 ح 3، عن قرب الإسناد، ص 7، فيه: «وختانه من السُنَّة لسبعة أيّام [...]».

55 ورواه الصدوق بإسناده عن عبد الله بن جعفر الحميري، مثله الوسائل: جـ 15 ص 160 ح 1. وفي البحار: جـ 104 ص 123 ح 74، عن مكارم الأخلاق، ص 263، عن عبد الله بن جعفر الحميري، مثله.

56 ورواه الحميري في قرب الإسناد، عن الحسن بن ظريف، عن الحسن بن علوان، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السلام مثله وترك الزيادة الوسائل: جـ 15 ص 161 ح 4.

57 الوسائل: جـ 15 ص 161 ح 5.

58 الوسائل: جـ 15 ص 165 ح 1.

59 الوسائل: جـ 15 ص 165 ح 2.

60 الوسائل: جـ 15 ص 165 ح 4.

61 البحار: جـ 104 ص 109 ح 12.

62 البحار: جـ 104 ص 112 ح 19. وفي المستدرك: جـ 2 ب 38 ص 622 ح 2، عن الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق، نقلاً من طب الأئمّة عليهم السلام، فيه: «أختتنوا».

63 مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 32 ص 621 ح 8.

64 الوسائل: جـ 15 ص 163 ح 8.

65 الوسائل: جـ 15 ص 166-167 ح 1.

66 ورواه الحميري في قرب الإسناد، عن هارون بن مسلم ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب الوسائل: جـ 15 ص 167 ح 3. وفي البحار: جـ 104 ص 108 ح 3، عن قرب الإسناد: ص 7، عن هارون، عن إبن صدقة. وج 104 ص 124 ح 79، عن مكارم الأخلاق: ص 264، عن الصادق عليه السلام.

67 الوسائل: جـ 15 ص 168 ح 1.

68 البحار: جـ 104 ص 110 ح 13.

69 البحار: جـ 104 ص 123 ح 73.

70 البحار: جـ 104 ص 126 ح 90.

71 البحار جـ 104 ص 124 ح 8.

72 مستدرك المسائل: جـ 2 ب 42 ص 622 ح 1.

73 مستدرك المسائل: جـ 2 ب 42 ص 622 ح 2.

مؤامرة الصمت


ختان الذكور والإناث
عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين

دراسة ووثائق



د. سامي عوض الذيب أبو ساحلية

تقديم الدكتورة نوال السعداوي

http://www.sami-aldeeb.com/

2003


مؤامرة الصمت


ختان الذكور والإناث
عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين

دراسة ووثائق



د. سامي عوض الذيب أبو ساحلية

تقديم الدكتورة نوال السعداوي



نبذة عن المؤلف

سامي عوض الذيب أبو ساحلية، مسيحي من أصل فلسطيني وحامل الجنسيّة السويسريّة. ولد عام 1994 في الزبابدة، فلسطين.

أتم دراسته الجامعيّة في سويسرا حيث حصل على ليسانس ودكتوراه في القانون من جامعة فريبورغ، ودبلوم في العلوم السياسيّة من معهد الدراسات الجامعيّة العليا في جنيف. يعمل في المعهد السويسري للقانون المقارن في لوزان كمستشار قانوني مسئول عن القسم العربي والإسلامي منذ عام 1980. له عدة مؤلفات ومقالات في الشريعة والقانون العربي والسياسة في عدّة لغات. وألقى محاضرات عدّة في جامعات ومراكز عربيّة وغربيّة. ويجد القارئ قائمة منشوراته وبعض مقالاته على موقعه على الانترنيت www.sami-aldeeb.com


من بين كتبه

- أثر الدين على النظام القانوني في مصر: غير المسلمين في بلاد الإسلام، 1997 (بالفرنسيّة).

- التمييز ضد غير اليهود مسيحيّين ومسلمين في إسرائيل، 1992 (بالفرنسيّة).

- المسلمون وحقوق الإنسان: الدين والقانون والسياسة، دراسة ووثائق، 1994 (بالفرنسيّة).

- ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين، 2001 (بالفرنسيّة والإنكليزيّة).

- المقبرة الإسلاميّة في الغرب: النظم اليهوديّة والمسيحيّة والإسلاميّة، 2002 (بالفرنسيّة).

- المسلمون في الغرب بين الحقوق والواجبات، 2002 (بالفرنسيّة والإنكليزيّة).


الكتاب الذي بين يديك

هذا الكتاب مختصر لكتاب مطول يجده القارئ في موقعي على الانترنيت. وقد أصدرت دار رياض الريس في بيروت عام 2000 الجزء الأول من الكتاب المطول تحت عنوان: ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيين والمسلمين: الجدل الديني. كما صدر الكتاب كاملاً، دون الملاحق، باللغة الفرنسيّة والإنكليزيّة.

مؤامرة الصمت

ختان الذكور والإناث
عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين

دراسة ووثائق



د. سامي عوض الذيب أبو ساحلية

تقديم الدكتورة نوال السعداوي




مختصر محتويات الكتاب

يجد القارئ المحتويات كاملة في آخر الكتاب


تقديم الدكتورة نوال السعداوي 11

المقدّمة 17

الجزء الأوّل: تعريف الختان وأهمّيته العدديّة وتوزيعه 21

الفصل الأوّل: تعريف الختان 21

الفصل الثاني: الأهمّية العدديّة والتوزيع الجغرافي 24

الجزء الثاني: الختان والجدل الديني 27

الفصل الأوّل: الختان في الفكر الديني اليهودي 27

الفصل الثاني: الختان في الفكر الديني المسيحي 54

الفصل الثالث: الختان في الفكر الديني الإسلامي 71

الجزء الثالث: الختان والجدل الطبّي 105

الفصل الأول: الآلام الناتجة عن ختان الذكور والإناث 105

الفصل الثاني: الأضرار الصحّية لختان الذكور والإناث 109

الفصل الثالث: المضار الجنسيّة لختان الذكور والإناث 119

الفصل الرابع: الفوائد الصحّية المزعومة لختان الذكور والإناث 131

الفصل الخامس: المعالجة الطبّية لآثار الختان الضارّة 152

الجزء الرابع: الختان والجدل الاجتماعي 157

الفصل الأوّل: الختان من بتر الذات الشاذ إلى التصرّف الجماعي الثقافي 157

الفصل الثاني: الختان وتأثير المحيط 162

الفصل الثالث: الختان والدين 165

الفصل الرابع: الختان وكبح النزوات الجنسيّة والأعداد للزواج 167

الفصل الخامس: الختان والنظام القَبلي والطائفي 171

الفصل السادس: الختان وغريزة التسلط 175

الفصل السابع: الختان والعوامل الاقتصادية 178

الفصل الثامن: الختان والدوافع السياسيّة 183

الفصل التاسع: النتائج النفسيّة والاجتماعية للختان 189

الفصل العاشر: الوسائل التربويّة والنفسيّة للقضاء على الختان 198

الجزء الخامس: الختان والجدل القانوني 205

الفصل الأوّل: منع ختان الذكور عبر التاريخ 205

الفصل الثاني: إدانة المشرّع الدولي لختان الإناث 208

الفصل الثالث: الختان وحقوق الإنسان 219

الفصل الرابع: ختان الذكور والإناث والإباحة الطبّية 226

الفصل الخامس: منع الختان بين المُثُل والإمكانيّات 232

الفصل السادس: الختان واللجوء السياسي 238

خاتمة الكتاب 243

ملاحق 245

كامل محتويات الكتاب 335

تقديم الدكتورة نوال السعداوي

منحني هذا الكتاب لذّة المعرفة. أدركت منذ الطفولة أنها أكثر أهمّية من لذّة الحلوى في العيد أو الفستان الجديد، رغم أنها لم ترد في كتب الله الثلاثة ضمن ملذّات الدنيا والآخرة. كنت أتساءل دائماً لماذا تغيب في جنّة عدن. لم أنبهر كثيراً بالجنّة وما فيها من لبن وعسل وخمر وحور وغلمان. كانت لذّة المعرفة تبدو لي أكثر أهمّية من كل ذلك. منذ تعلمت القراءة انفتح عالم الكلمات أمامي على نحو مبهر. إلاّ أن اللذّة كان يصاحبها الإثم دائماً. ربّما بسبب خطيئة حوّاء (كما شرحها لنا المدرّسون) لأنها أكلت الثمرة المحرّمة. لم يذكر الله اسم الشجرة في القرآن، لكنّه ذكر اسمها في كتابه الأوّل التوراة، وقال إنها شجرة المعرفة. عرفت منذ المدرسة الابتدائية أن التوراة والإنجيل أنزلهما الله نوراً وهدى للناس كما أنزل كتابه الثالث القرآن. اقترن الإيمان بالإثم منذ قرأت الكتب السماويّة. يتزايد الإثم في أعماقي مع تزايد المعرفة، حتى قرّرت في مرحلة المراهقة الأولى أن أكف عن القراءة.

كنت في مدرسة تجمع التلميذات من الأديان الثلاثة المسلمات والقبطيّات واليهوديّات، وكم تصارعنا حول أيها الدين الصحيح، وكم تنافسنا في اصطياد الآيات غير المنطقيّة في الكتاب الذي لا نؤمن به. عانيت كثيراً لأني كنت مسلمة ورثت الإسلام عن أبي الذي قال لي إنني يجب أن أومن بكتب الله الثلاثة. عانيت وحدي وأنا أقرأ هذه الكتب. أتوقّف عند آيات لا يقبلها عقلي. وأسأل أبي وأمي والمدرّسين إلاّ أن أحداَ لم يكن يرد على تساؤلاتي.

لا زلت حتى اليوم وبعد أن تجاوزت الستين عاماً أحاول الإجابة على كثير من الأسئلة الطفوليّة التي دارت في رأسي وأنا في العاشرة من العمر دون أن أجد لها جواباً. إن النشاط الهرموني المتزايد في سن المراهقة الأولى يزيد نشاط الخلايا العقليّة، ويصاحب رغبة الاستطلاع الجنسيّة رغبة استطلاع فكريّة. وفي هذا العمر تزيد الضغوط العائليّة والاجتماعية على المراهقين والمراهقات تحت اسم الحماية أو العفة. وتسعى السلطة في الدولة أو العائلة لمصادرة الكتب. هكذا يصاحب التعفف الجنسي تعفف فكري، ويتم تحريم الأفكار الأخرى بمثل ما يتم تحريم الاختلاط بالجنس أو الأجناس الأخرى.

في بلادنا العربيّة لا أظن أننا تخلصنا من داء مصادرة الكتب التي تفتح عقول الشبان والشابّات على أفكار مختلفة لم ترد للأسلاف من الأجداد أو الأنبياء. منذ أيّام قليلة (خلال شهر أبريل 1999) منعت الجامعة الأمريكيّة بالقاهرة عدداً من الكتب، ومنها سيرتي الذاتيّة المترجمة إلى الإنكليزيّة، رغم أنها نشرت بالعربيّة منذ عامين. وهذا يدلنا على أن الرقابة على الكتب أو على المعرفة لا تزال موجودة في بلادنا، بل إنها تشتد تحت اسم حماية الشباب من الأفكار التي قد تهز إيمانهم الديني! فهل الإيمان قشة يمكن أن يذروها الهواء؟ هل لا بد من غلق النوافذ حتى تظل هذه القشة ملتصقة بقشرة المخ؟ وإن انفتحت نافذة واحدة طارت القشرة ومعها القشة؟!

في العاشرة من عمري في قريتي في مصر كنت ألتهم أي كتاب يقع في يدي، وأقرأ القراطيس التي يلف فيها اللب أو الفول السوداني. كانت صفحات من كتب قديمة يبيعها المفكرون الفقراء بالأقة لأصحاب الدكاكين. تخيّلت وأنا أقرأ هذا الكتاب لو أنه وقع في يدي منذ أربعين عاماً، هل كان يوفر عليَّ السنين الطوال التي أنفقتها في البحث والتنقيب عن الحقيقة؟ التي كانت تتسرّب كالماء من بين أصابعي، ما أن أمسكها حتى تفلت منّي كالسمكة في البحر، وأعود أدراجي إلى الصلاة والتوبة عن الإثم.

هذا الكتاب من الكتب الضروريّة للمكتبة العربيّة. لهذا أود أن يُنشر هذا الكتاب في بلادنا العربيّة، وأن يكون في متناول الشبان والشابّات والتلاميذ والتلميذات في المدارس والجامعات.

أحد الأسلحة في مجال الثقافة العامّة، حيث تحرّم الأغلبيّة الساحقة من الثقافة الحقيقيّة، حيث يفشل نظام التعليم في تدريب الشبان والشابّات على تشغيل عقولهم. تؤدّي الهزيمة العقليّة إلى هزيمة سياسيّة وعسكريّة واقتصاديّة. إن الثقافة غير منفصلة عن السياسة أو الدين أو الحرب، والعقل هو الذي يوجّه اليد التي تمسك السيف أو البندقيّة.

لا أظن أن بلادنا يمكن أن تنهض من كبوتها أو هزائمها المتتالية أمام الغزو الخارجي أو البطش الداخلي دون نهضة عقليّة، دون حرّية فكريّة بحيث يكون الشك هو خادم المعرفة كما يقول مؤلف هذا الكتاب، الحقيقة إذا كانت حقيقة فإنها تقوى أمام كل امتحان.

الشك أوّل الخطوات نحو المعرفة وليس الإيمان. فالإيمان موروث يطمس العقل ويمنعه من التفكير بحرّية. حتى في كليات الطب لم تكن المعرفة واردة، بل التدريب على إجراء عمليّات موروثة عن الآباء والأجداد. أود أن يُدرّس هذا الكتاب للأطبّاء والطبيبات في بلادنا حتى يكفوا عن إجراء عمليّات الختان للذكور والإناث على حد سواء.

يبدأ الدكتور سامي أبو ساحلية كتابه بأنه تألم حين سمع طفلاً يصرخ من شدّة الألم أثناء عمليّة ختان. بقي هذا الصراخ يدوّي في أعماقه رغم أنه هو نفسه لم يتعرّض لعمليّة الختان. فلماذا لا يسمع الأطبّاء هذا الصراخ أثناء إجرائهم هذه العمليّة؟ أليس للأطبّاء آذان وقلوب تتألم مثل البشر؟ أليس للآباء والأمّهات الذين يسمعون صراخ أطفالهم آذان وقلوب؟!

الجهل يطمس القلوب والآذان فلا تسمع ولا تحس. الجهل يقلب الأمور رأساً على عقب فيصبح الألم فرحاً وسفك الدم مبعث السرور والبهجة. ألم يبتهج إله موسى في التوراة حين رأى الدم يسيل من ابنه حين أمسكت زوجته صفورة حجر صوّان وقطعت غرلته؟! إذا كان الإله (الذي هو المثل الأعلى للبشر) يبتهج لمنظر الدم فماذا يفعل البشر؟!

الله هو العدل كما عَرفت من جدّتي الفلاّحة الفقيرة: «ربّنا هو العدل عرفوه بالعقل» هي عبارتها. رسخت في ذهني منذ السادسة من عمري، مع الألم الذي أشعر به إثر عمليّة الختان، وصراخ أختي لا يزال في أذني رغم مرور ستين عاماً. وقد توالى الصراخ في بيتنا إثر ختان تسعة من الأطفال الذكور والإناث. آلمني صراخ أخي الصغير بمثل ما آلمني صراخ أختي الصغرى، وبعد كل صرخة تتزايد شكوكي في عدالة الله، ويتزايد معها الإحساس بالإثم.

فرحت بهذا الكتاب، لأنه قد يحرّر الناس من الإحساس بالإثم الدفين منذ طفولتهم، ولأنه قد يلعب دوراً كبيراً في إقناع الكثيرين بالامتناع عن ختان أطفالهم الذكور والإناث. لقد بذل المؤلف الدكتور أبو ساحلية جهداً كبيراً في المقارنة بين الأديان السماويّة الثلاثة إزاء موقفها من الختان، ومتابعة الآراء المعارضة والمؤيّدة بروح علميّة وإنسانيّة. وهناك نقص كبير في الدراسات المقارنة بين الأديان في معظم الجامعات في العالم. وقد اكتشفت أن الأقسام التي تدرس الدين في الجامعات الأمريكيّة والأوروبيّة لا تهتم بالدراسات المقارنة بين الإسلام والمسيحيّة واليهوديّة، بل إنها تدرّس الإسلام فقط لمن يختص في الإسلام، ويصبح أستاذاً في الدين الإسلامي، دون أن يعرف التشابه أو الاختلاف بين الإسلام والمسيحيّة واليهوديّة. قابلت كثيراً من الأساتذة الأمريكيّين والأوروبيين الذين تخصّصوا في الإسلام، والذين يعتقدون أن حجاب المرأة وختانها يرتبط بالإسلام فقط وليس له وجود في المسيحيّة واليهوديّة.

هذا الكتاب يكشف عن هذه الأفكار الخاطئة والشائعة في الغرب. فإن عمليّات الختان للذكور كانت تمارس قبل ظهور الأديان السماويّة. وقد مورست في ظل هذه الأديان الثلاثة. ويتميّز القرآن عن التوراة في أنه صمت تماماً عن ختان الذكور، كما أن القرآن لم يذكر شيئاً عن ختان الإناث. فلماذا هذه الشائعات السياسيّة الغربيّة عن الإسلام وحده دون الأديان الأخرى؟ أذكر أنني في إحدى المحاضرات في بداية الثمانينات في مؤتمر بمونتريال بكندا، تعرّضت للأديان الثلاثة فيما يخص الحجاب وختان الذكور والإناث. وتقبّل الحاضرون من النساء والرجال كلامي بفهم كبير، خاصّة وأنني قرأت بعض الآيات من التوراة والإنجيل والقرآن. إلاّ أن الغضب الشديد استولى على بعض النساء اليهوديّات الأمريكيات والإسرائيليّات على حد سواء. أصابهن هستيريا الغضب ولجأن إلى الصراخ والشتائم والاتهامات أقلها الاتهام بالعداء للساميّة. إلاّ أنني واجهت هذا الغضب بقوّة المنطق، لأن الغضب كثيراً ما يكون غطاءاً للزيف وبطلان المنطق. وقلت إننا العرب من أهل سام وليس اليهود فقط. وأن العداء للساميّة هو عداء للعرب أيضاً. لذلك لا يمكن تخويفنا بهذه الحجّة الواهية (العداء للساميّة). ثم أثبت بحقائق التاريخ أن اليهوديّة والمسيحيّة فرضتا الحجاب على النساء. ولا يختلف زي الراهبات في الكنائس عن زي النساء المسلمات اللاتي يرتدين الحجاب. وفي يومنا هذا لا يمكن لامرأة مسيحيّة (وإن كانت زوجة الرئيس الأمريكي) أن تقف أمام البابا في الفاتيكان دون أن تغطي رأسها بحجاب. ثم قرأت بعض ما يكتبه التيّار اليهودي الأصولي في إسرائيل عن عزل النساء من الحياة العامّة ممّا هو أشد قهراً للنساء ممّا يكتبه التيّار الإسلامي الأصولي في مصر أو الباكستان.

تأتي أهمّية هذا الكتاب من الدراسة المقارنة بين الأديان الثلاثة. وهي تكشف عن الصراعات السياسيّة والاقتصادية بين الفرق المختلفة تحت اسم الله.

يقول المؤلف عن العهد القديم بين الله والنبي إبراهيم، إنه «تسييس عمليّة جراحيّة». وهذا صحيح. وإلاّ فلماذا وعد الله شعبه المختار بأرض كنعان، وما علاقة الاستيلاء على أرض الغير بختان الذكور؟

في مقال لي بمجلة روز اليوسف في 21/12/1998 تحت عنوان: «أوقفوا ختان الذكور»، تساءلت عن سر العلاقة بين الاستيلاء بالقوّة عن أرض فلسطين وبين قطع غرلة الأطفال الذكور؟! الغريب أن غضب بعض الرجال المسلمين عليّ لم يكن أقل من غضب النساء اليهوديّات في مؤتمر مونتريال منذ خمسة عشر عاماً. ممّا يدل على أن الإسرائيليّات قد تسرّبت إلى الإسلام فيما يخص ختان الذكور، كما وضّح لنا هذا الكتاب.

لقد تم استخدام القوّة لإخفاء الحق منذ نشوء العبوديّة أو النظام الطبقي الأبوي في التاريخ البشري، ولإخفاء السلطة السياسيّة تحت غطاء السلطة الدينيّة. كان الإله الحاكم يجلس على عرش الأرض والسماء ويقدّم له العبيد القرابين من الفراخ والحمام واللحم البشري فيأكل ويشرب ويغسل قدميه ويطالب عبيده بأن يبنوا له بيتاً يعيش فيه يسمّونه المعبد المقدّس.

رغم مرور آلاف السنين منذ نشوء النظام الطبقي الأبوي لم تنفصل السلطة السياسيّة عن السلطة الدينيّة حتى يومنا، في الشرق والغرب والشمال والجنوب. إن الرأسماليّة العالميّة أو النظام الطبقي الأبوي الدولي لا يمكن أن يستمر في الوجود دون الارتكاز على قوّة غامضة غير مرئيّة، يستطيع باسمها أن يخدع الناس ويقهرهم ويحتل أراضيهم ويقطع في أجسادهم وعقولهم كما يشاء تحت اسم المقدّس.

يكشف هذا الكتاب عن دور السياسة في موضوع الختان. حدثت عام 1871 قفزة إلى الأمام بسبب ما كان ينتج عن الختان من وفيّات ونزيف وقرّر المجمع اليهودي أن ختان الذكور ليس واجباً مفروضاً على اليهود. إلاّ أن الردّة السياسيّة والثقافيّة حدثت مع تزايد قوّة الاستعمار وبعد إنشاء دولة إسرائيل. تضاعفت القوى السياسيّة والدينيّة المحافظة، إلى أن جاء قرار الجمعيّة العموميّة لحاخامات اليهود عام 1979 بفرض ختان الذكور.

يوضّح الكتاب أن الختان عمليّة عبوديّة أو علامة العبيد كما يقول المؤلف. هناك آية في الدين اليهودي تؤكد ذلك، وهي: (يختن المولود في بيتك والمشترى بفضّتك) كما يوضّح الصراع الذي دار على الدوام حتى عصرنا هذا بين الذين يتمسّكون بحرفيّة كتاب الله (من أجل مصالح مادّية في الدنيا) وبين الذين ينشدون جوهر الدين الصحيح وهو العدل واحترام كرامة الإنسان وجسده. كما يوضّح التشابه بين عمليّات الختان وعمليّات اخصاء العبيد، حتى يتفرغوا للخدمة في البيوت أو للغناء في الملاهي مثل النساء.

لا تختلف عمليّات الختان عن عمليّات القتل الجماعي في حروب الاستعمار القديم والجديد، ولا تكف الآلة العسكريّة الرأسماليّة الاستعمارية عن قتل الآلاف والملايين من الشعوب البريئة حتى يومنا هذا، دون رحمة أو شفقة. بل إنهم يقتلون تحت اسم الله أو العدل أو الحرّية أو الديموقراطيّة أو السلام، كما يختنون الملايين ويقطعون في أجسامهم باسم الله.

الدول، وإن أعلنت أنها علمانيّة (تفصل بين الدين والسياسة)، إلاّ أنها لا تستطيع أبداً التخلي عن الدين، لأنها لا تستطيع تحمّل مسؤوليّة القتل أو الختان، ولا بد لها من إلقاء المسؤوليّة على الله. ويكشف الكتاب عن ختان الذكور. هو بقايا الضحايا الدمويّة في اليهوديّة القديمة. ولا بد من إسالة نقطة دم وإن أصبح الختان رمزياً فقط (دون قطع الغرلة)، لأن الدم علامة العبوديّة (دم العهد) وتصاحب عمليّة الختان صلوات رجال الدين لإدخال الله رمزياً في العمليّة، وإذا تم بعيداً عن رجال الدين لا يعترفون به، ولا بد من وجودهم ليكون ختاناً شرعيّاً.

ألا يشبه ذلك عقد الزواج؟ إن الزواج لا يكون شرعيّاً إلاّ بحضور المأذون أو رجل الدين. وهذا يؤكد سلطة رجال الدين الاجتماعية، رغم اضمحلال قوّتهم في المجال السياسي والاقتصادي والعسكري. لقد أصبحت جميع القوانين في بلادنا مدنيّة ما عدا قانون الزواج والطلاق فهو لا يزال قانوناً دينيّاً يسيطر عليه رجال الدين، يمسكونه بالمخالب والأنياب كأنما هو آخر قلاعهم أو معاقلهم، ولأن قانون الزواج مثل الختان يمس حياة الشرائح الأضعف في المجتمع، وهم الأطفال والنساء.

ويكشف الكتاب كيف يتنصّل كثير من اليهود اليوم من عمليّات ختان الذكور، يحاولون إلصاقها بالمصريّين القدماء، كما حاولوا إلصاق عمليّات ختان الإناث بالعرب والإسلام لأسباب سياسيّة، ولإثبات أن العرب أمّة بربريّة متخلفة تقطع بظور النساء.

دهشت عندما سمعت وزير الصحّة في مصر يردّد أن ختان الإناث عادة أفريقيّة. وسمعت بعض الأطبّاء يردّدون هذه العبارة ذاتها، في محاولة لإبعاد العار عن مصر وإلصاقه بالأفارقة السود. لكن هذا الكتاب يوضّح هذه النظرة الخاطئة، ويشرح كيف انتشرت عمليّات ختان الذكور والإناث في المجتمعات المختلفة منها: اليهود والمسيحيّين والمسلمين والسود والبيض في الشرق والغرب.

إن تقدّم البشريّة وتخلصها من هذه العادات العبوديّة يرتبطان بالنظم السياسيّة والاقتصادية. أمّا الأديان فهي خادمة لهذه النظم، ويمكن للدين أن يتطوّر ويتقدّم مع التقدّم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للنساء والرجال والشاب والأطفال.

يتخفى الحكام في عصرنا هذا تحت اسم الله كما يتخفى الكهنة في الأزمنة القديمة. تذكرت وأنا أقرأ في هذا الكتاب عن بطرس وكيف برّر قبوله لدعوة قرنيليوس برؤيا رآها قبل أن يصله المبعوث بالدعوة، وأصبح ذهاب بطرس إلى قرنيليوس (الأغلف. النجس. العدو) ليس خيانة لعهد الله بل طاعة للروح القدس التي جاءته في الرؤيا. تذكرت كيف برّر الرئيس المصري أنور السادات (توفى عام 1981) ذهابه إلى إسرائيل عام 1979 بأنه رأى الله في المنام وأن الله قال له اذهب إلى إسرائيل. هكذا أصبحت رحلة السادات إلى تل أبيب شرعيّة.

كذلك وجدت تشابهاً كبيراً بين أقوال «إتيوس» الطبيب في البلاط البيزنطي (في القرن السادس الميلادي) بأقوال الشيخ متولي الشعراوي (توفى عام 1998) في مصر عام 1977. كلاهما كان يؤيّد ختان الإناث لأن «بظر المرأة يحتك بملابسها ويثير شهوتها».

ومن أطرف الحكايات في هذا الكتاب قصّة البعثة الطبّية الكاثوليكيّة إلى مصر في القرن الثامن عشر التي عادت إلى روما وفي جعبتها تقرير عن بظر المرأة المصريّة، فحواه أن هذا البظر أكبر من بظور النساء في العالم أجمع ولا بد من قطعه لأنه يمنع ما لأجله شرّع الزواج.

لعّل أهم ما في الكتاب هو النظرة العلميّة المحايدة التي لا تتعصّب لدين دون الدين الآخر، وتعرض الآراء على نحو عادل. يترك للقراء والقارئات أن يحكموا بأنفسهم على الأمور. رأينا كيف أن الأديان تتشابه خاصّة في نظرتها إلى الأعضاء الجنسيّة وفرض الطاعة على العبيد والجواري، ونجاسة المرأة التي تظهر في التوراة أكثر من أي كتاب آخر، وكيف مُنعت المرأة في المسيحيّة من الترانيم الروحيّة بالكنيسة بمثل ما منعت في الإسلام من الأذان للصلاة. وهناك كثير من المشايخ في الإسلام في يومنا هذا يردّدون عبارة بولس الشهيرة: «ولتصمت النساء في الجماعات شأنها في جميع كنائس القدّيسين فإنه لا يؤذن لهن بالتكلم». أصبح صوت المرأة عورة عند الكثيرين من المسيحيّين والمسلمين، بمثل ما أصبح شعر المرأة عورة منذ أن جاءت هذه العبارة الشهيرة في التلمود: «شعر المرأة العاري مثل جسدها العاري». وتشمل صلاة اليهودي كل يوم هذه العبارة الشهيرة: «أشكرك يا رب لأنك لم تخلقني امرأة».

ومن أهم الأجزاء في الكتاب تلك التي تكشف عن صمت الأمم المتحدة عن ختان الذكور وعدم تحريمه كما حرّمت ختان الإناث، بسبب الخوف من اللوبي اليهودي السياسي في أمريكا وأوروبا.

أتفق تماماً مع الدكتور سامي أبو ساحلية مؤلف هذا الكتاب في أن الحملة ضد الختان يجب أن تشمل الذكور والإناث ولا تقتصر فقط على الإناث، ذلك أن الجريمة واحدة وإن اختلفت درجتها أو شكلها.

المقدّمة

من خلف جدار دار الجيران يرتفع صريخ أطفال يتألمون ممزوج بزغاريد النساء مع أغاني فرح ما زلت أحفظ منها جملة تقول: «زَينُه يا شلبي وسلمُه لامُه».

كان الجيران يحتفلون بختان أطفالهم وبهذه المناسبة اجتمعوا مع الأقارب في ساحة البيت وفي الشارع المجاور ووزّعوا الحلوى على المارة. وكانت عمليّة الختان تتم داخل البيت، يقوم بها «الشلبي». ولصغر سني حين ذاك ولكوني من عائلة مسيحيّة لا تمارس الختان لم أستوعب ما هو الختان ولماذا يصيح الأطفال من الألم بينما الجمع من حولهم يفرحون ويمرحون. لقد بقي هذا الحدث الغريب المتناقض عالقاً بذاكرتي بعد أكثر من أربعين عاماً من انقضائه ورغم المسافة التي تفصلني عن مكان حدوثه

في عام 1993، أعطيت أول محاضرة عن ختان الذكور والإناث بناء على طلب المنظمة الليبية (شمال جنوب 21) ضمن مؤتمر عن حقوق الطفل عقدته في جامعة جنيف يومي 30 و31 يناير عام 1993. وما إن انتهيت من إلقاء المحاضرة حتى انهالت علي الانتقادات من منظمي المؤتمر، وكان بينهم مسلمون وصفوني بالإلحاد. أمّا الحاضرون فقد صفقوا لي واستغربوا الاتهام. فدافعت عن نفسي موضّحاً أن ما جاء في محاضرتي ليس تهجّماً على الديانات بل دفاعاً عن الأطفال الأبرياء.

في 7 سبتمبر 1994، عندما كانت تنعقد في القاهرة أعمال المؤتمر العالمي للسكان والتنمية، عرضت شبكة التلفزيون الأمريكيّة «سي إن إن» فيلماً وثائقياً عن ختان طفلة مصريّة اسمها نجلا في العاشرة من عمرها في العاصمة المصريّة بيد حلاّق. وكانت الطفلة تصرخ من الألم. فاهتزت على أثر هذا الفيلم كل الأوساط المصريّة، الرسميّة والشعبيّة. هناك من اعتبر الفيلم إهانة لمصر وللإسلام وهناك من اغتنم هذا الفيلم للتصدّي لعادة ختان البنات في مصر. وتدخّل رجال الدين الإسلامي فأعلنوا رأيهم في هذا الخصوص، فتعارضت الآراء بين مفتي الجمهوريّة وشيخ الأزهر، ولكل منهما سنده وحجّته وأتباعه. وهذا التباين جعلني أتساءل ما هي الأسباب التي من أجلها عرضت الشبكة المذكورة فلمها؟ هل كان ذلك دفاعاً عن حقوق الإنسان أم تشهيراً بمصر وبالإسلام؟ وإن كان ذلك دفاعاً عن حقوق الإنسان، فلماذا تسكت هذه الشبكة عمّا يجري في الولايات المتحدة حيث يختن يومياً ما يناهز 3300 طفل أمريكي في المستشفيات الأمريكيّة يصيحون من الألم؟ ولماذا ينتقد الغرب ختان البنات ويُصدر ضد فاعليه الأحكام القضائيّة القاسيّة بينما ختان الصبيان يمر مرور الكرام دون سؤال أو استفسار؟ وقد توصّلت إلى أن أحد الأسباب، إن لم يكن أهمّها، هو الخوف من اليهود الذين يمارسون ختان الذكور.

في شهر يوليو 2002 زرت جامعة بريسبان في أستراليا في يوليو 2002 واجتمعت مع رئيس قسم الدراسات الخاصّة بأهل أستراليا الأصليين، ميكائيل ويليمز، وسألته عن الختان عند الأستراليين الأصليين وكان رده بأنه لا يحق له التكلم في هذا الموضوع لأنه يخاف أن يصاب بالمرض. وعندما سألته عن معنى الحرّية العلميّة إذا كان يرفض الإجابة فرد بأن القانون الديني يعلو على القانون العلمي. وفي ردّه على سؤال حول ختان الإناث قال لي بأنه لا يحق للرجال التكلم عن مواضيع النساء واقترح علي مناقشة الأمر مع نائبته الأستاذة جاكي هيجنز. وقد أرسلت رسالة إليكترونية لها مع بعض الأسئلة عن ختان الذكور والإناث فردّت عليها جميعاً بجملة واحدة تقول فيها بأنها تأسف لعدم الإجابة على أسئلتي لأنها لا تملك إذناً بالبوح بما تعرف.

في 28 و 29 أكتوبر 2002 قمت بإلقاء محاضرتين عن ختان الذكور والإناث في باريس. وفي اليوم الأول انسحبت ثلاث يهوديات من القاعة احتجاجاً على عرضي ممارسة الختان في الطائفة اليهودية. وفي اليوم الثاني حضرت مع رجلين نبهاني بأنهما جاءا لمراقبتي.

في كل مكان من العالم هناك قانون الصمت الذي يخيم على ممارسات ختان الذكور والإناث التي يروح ضحيتها سنوياً ما لا يقل عن 13 مليون صبي ومليوني صبية. وما زلت منذ عام 1993 أحاول كسر هذا القانون من خلال كتاباتي ومحاضراتي ومداخلاتي في الراديو والتلفزيون. وها أنا اليوم أقدم هذا الكتاب لتأليب الرأي العام ضد هذه الممارسات البدائية والهمجية.

وبعد شكري للمولى على فضله، أود أن أشكر كل من شجّعني لكتابة هذه الدراسة. كما أشكر كل من قام بمراجعتها وأبدى ملاحظاته على الشكل والمحتوى. ولكني وحدي الذي أتحمّل تبعة ما يحتويه هذا الكتاب من آراء أو أغلاط.

هذا أرجو القارئ الكتابة لي على عنواني التالي لإبداء آرائه وملاحظاته البنّاءة:

Dr. Sami Aldeeb

Ochettaz 17

1025 St-Sulpice, Switzerland

عنواني الإلكتروني saldeeb@bluewin.ch

تنبيه

ارتكزنا في كتابنا هذا على «الكتاب المقدّس»، الطبعة الثالثة للترجمة العربيّة الصادرة عن دار المشرق في بيروت عام 1986. وإذا جاء نص من هذه الكتب المقدّسة ضمن فقرة نقلناها عن مؤلف بالعربيّة بترجمة غير التي بين أيدينا أو مرقمة بغير أرقامنا الحاليّة، استبدلنا تلك الترجمة والأرقام بالترجمة والأرقام الحاليّة. وقد وضعنا أرقام الآيات في بدايتها بين قوسين (...) لتسهيل عمليّة الرجوع لهذه النصوص. وعند ترك آية داخل النص لا علاقة لها بموضوعنا نشير إلى ذلك بعلامة [...]. كما أننا نستعمل نفس الإشارة عندما نضيف كلمة لتوضيح النص.

حتى لا نثقل على القارئ قرّرنا حذف جميع هوامش ومراجع الكتاب إلا ما جاء في داخل النص ونحيل القارئ للكتاب العربي المطول على الانترنيت لمن تهمه تلك الهوامش والمراجع. هذا وقد أشرنا إلى تاريخ وفاة المؤلفين، خاصّة القدامى منهم، بعد ذكر اسمهم لأوّل مرّة. والتواريخ المذكورة هنا كما في الكتاب هي حسب التقويم الميلادي (م = بعد المسيح؛ ق.م = قَبل المسيح). وقد أخذنا بالاختصارات الآتية فيما يخص أسفار الكتب المقدّسة اليهوديّة والمسيحيّة:

الكتب المقدّسة اليهوديّة

التكوين: سفر التكوين

الخروج: سفر الخروج

الأحبار: سفر الأحبار

العدد: سفر العدد

تثنية: سفر تثنية الإشتراع

يشوع: سفر يشوع

القضاة: سفر القضاة

1 صموئيل: سفر صموئيل الأوّل

2 صموئيل: سفر صموئيل الثاني

1 ملوك: سفر الملوك الأوّل

2 ملوك: سفر الملوك الثاني

عزرا: سفر عزرا

أستير: سفر أستير

1 المكابيين: سفر المكابيين الأوّل

2 المكابيين: سفر المكابيين الثاني

المزامير: سفر المزامير

الأمثال: سفر الأمثال

أشعيا: سفر أشعيا

أرميا: سفر أرميا

حزقيال: سفر حزقيال

ملاخي: سفر ملاخي


الكتب المقدّسة المسيحيّة

متى: الإنجيل كما رواه متى

مرقس: الإنجيل كما رواه مرقس

لوقا: الإنجيل كما رواه لوقا

يوحنّا: الإنجيل كما رواه يوحنّا

أعمال: سفر أعمال الرسل

رومية: رسالة بولس إلى أهل رومية

1 قورنتس: رسالة بولس الأولى إلى أهل قورنتس

2 قورنتس: رسالة بولس الثانية إلى أهل قورنتس

غلاطية: رسالة بولس إلى أهل غلاطية

فيليبي: رسالة بولس إلى أهل فيليبي

قولسي: رسالة بولس إلى أهل قولسي

طيطوس: رسالة بولس إلى طيطوس

الجزء الأوّل
تعريف الختان وأهمّيته العدديّة وتوزيعه

الفصل الأوّل
تعريف الختان

1) الختان أحد أساليب التصرّف بالجسد

منذ قديم العصور حتى يومنا هذا، حاول ويحاول الإنسان التصرّف بأعضاء جسده وجسد غيره، من أعلى رأسه حتى أصابع رجليه مروراً بأعضائه الجنسيّة، مدّاً أو ضغطاً أو وشماً أو كيّاً أو شقّاً أو ثقباً أو بتراً. ولم يستطع تقدم المجتمع التخلص من هذه التصرفات التي قد تصيب الفقير والغني. ومن بين الحالات المشهورة الأميرة «ديانا» (توفت عام 1997). ففي إحدى مناقشاتها الحادّة مع الأمير «شارلز» التقطت سكين جيب وجرّحت صدرها وفخذيها.

وقد حظيت الأعضاء الجنسيّة بنصيب كبير من نكد الإنسان على نفسه. فقد مثل بها كيفما شاء خصياً أو جبّاً أو شقّاً أو ثقباً. وفي كتابنا هذا سوف نتوقّف عند نوع واحد من أنواع التعدّي على الأعضاء الجنسيّة وهو ختان الذكور والإناث الذي يعتبر من ظواهر المساس بسلامة الجسد الأكثر غموضاً والأوسع انتشاراً. وكان من ضحايا هذه الظاهرة أبو الأنبياء إبراهيم الذي ختن نفسه عندما كان عمره 99 سنة حسب التوراة، أو 80 أو 120 سنة حسب المصادر الإسلامية. واتباعاً لمثاله ملايين الأطفال ختنوا وما زالوا يختنون.

2) الكلمة ومدلولها الاجتماعي والسياسي

أصل الختان عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين هو التوراة. ويستعمل اليهود في العبريّة كلمة «ميلا» التي تعني القطع. وهذه الكلمة تستعمل ضمن عبارة «بريت ميلا» أي «عهد القطع» التي تُذَكرنا بالعبارة العربيّة «قطع عهداً». وهذه العبارة كما سنرى لاحقاً إشارة للفصل السابع عشر من سفر التكوين الذي يَدَّعِي أن الله قطع عهداً لإبراهيم بأن يعطيه ونسله الأرض الموعودة، أي «أرض كنعان». ومقابل ذلك العهد، أمر الله إبراهيم بأن يقطع غلفته وغلفة كل ذكر من نسله وعبيده. هناك إذاً تلاعب بالكلمات وتسييس لعمليّة جراحيّة. وتستعمل التوراة أيضاً كلمة «تبر» (الخروج 4:25)، ونفس الكلمة في العربيّة تعني هلك أو أهلك، وتُذَكرنا بكلمة «بتر» مع قلب الأحرف التي تعني قطع. والجزء الذي يقطع يسمّى في العبريّة «غرلة». وغير المختون يسمّى بالعبريّة «أغرل». ولا يوجد في التوراة ذكر لختان الإناث.

يستعمل علماء اللغة العربيّة كلمات عدّة للإشارة إلى الختان مثل الخفض والخفاض والإعذار. والعامّة هي كلمة ختان أو طهور أو طهار أو طهارة للذكر والأنثى. وهذه الكلمة الأخيرة تبيّن أن الختان في فكر الناس يُطهِّر من تُمارَس عليه هذه العادة. والقطعة التي تقطع عند الذكر تسمّى «الغرلة» كما في العبريّة، أو «الغلفة» أو «القلفة». وغير المختون يسمّى «أغرل» أو «أغلف» أو «أقلف».

وكلمة «الختان» التي تشير إلى عمليّة القطع لها معان ذات صلة بالزواج. يقول ابن منظور (توفى عام 1131): «الختن أبو امرأة الرجل وأخو امرأته وكل من كان من قِبَل امرأته، والجمع أختان، والأنثى ختنة. وخاتن الرجلُ الرجلَ إذا تزوّج إليه. وفي الحديث: علي ختن رسول الله (ص) أي زوج ابنته. والاسم الختونة [...] والختن: زوج فتاة القوم، ومن كان من قِبَله من رجل أو امرأة فهم كلهم أختان لأهل المرأة. وأم المرأة وأبوها: ختنان للزوج». وسوف نرى لاحقاً كيف أن الختان كان يسبق الزواج وشرطاً له في بعض المجتمعات. وقد يكون لكلمة «ختن» صلة بكلمة «ختم» مع انقلاب الميم نوناً كما هو معرف في اللغات الساميّة. فيكون معناها وضع علامة للتعرّف على العبد الآبق.

وفي اللغات الأوروبيّة يمكن استعمال كلمة واحدة للدلالة على ختان الذكور والإناث وهي بالإنكليزيّة circumcision. وهذه الكلمة من أصل لاتيني وتعني «القطع دائرياً». ولكن بعض الكتاب يستعمل هذه الكلمة فقط لختان الذكور. وأمّا ختان الإناث فإنهم يستعملون لها كلمة excision وهي كلمة أيضاً من أصل لاتيني وتعني «استئصال».

ومنذ عام 1990 قررت منظمة الصحّة العالميّة استخدام تعبير «بتر الأعضاء الجنسيّة للإناث» والاحتفاظ بكلمة الختان فقط للعملية التي تتم على الذكور والهدف من ذلك تفادي الخلط بين الختانين. فهذا الخلط يعتبره اليهود إهانة لهم. ففي نظرهم ختان الذكور كما تأمر به التوراة جزء هام جدّاً من اعتقادهم الديني، ولا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنته بختان الإناث. وقد أخذ معارضو ختان الذكور مصطلح منظمة الصحّة العالميّة وحوّروه لصالحهم فسمّوا ختان الذكور «البتر الجنسي للذكور».

وسوف نستعمل في كتابنا هذا مصطلح «الختان» لكل من ختان الذكور وختان الإناث. فهو المصطلح الأكثر شيوعاً عند الفقهاء المسلمين وفي اللغة العاميّة. وهذا المصطلح «الختان» يعني في كل الأحوال بتر جزء من العضو التناسلي للذكر أو الأنثى.

3) أنواع عمليّة ختان الذكور

يمكن تصنيف أنواع ختان الذكور كما يلي:

الدرجة الأولى: يتم في هذه العمليّة بتر غلفة القضيب، جزئيّاً أو كلياً. وقد تصل نسبة الجلدة المقطوعة من ربع إلى أكثر من نصف جلد الذكر حسب مهارة الخاتن وعادات الختان.

الدرجة الثانية: يتم في هذه العمليّة بتر غلفة القضيب وسلخ بطانتها وهي تجرى عند اليهود. ويطلق على المرحلة الأولى اسم «ميلا» وعلى المرحلة الثانية اسم «بيريا». ويتبع هذه المرحلة، حسب التعاليم اليهوديّة التقليديّة، مص الخاتن قضيب الطفل (بالعبريّة: مزيزا).

الدرجة الثالثة: يتم في هذه العمليّة سلخ جلد الذكر حتى كيس الصفن أو حتى الساق. وتتم هذه العملية عند قبائل «النمشي» شمال الكمرون وعند بعض قبائل الجزيرة العربية. وقد تعرّضت لهذا النوع فتوى سعوديّة لابن باز (توفى عام 1999) اعتبرته من تشريع الشيطان.

الدرجة الرابعة: شق مجرى البول الخلفي لجعله يشبه فرج المرأة، كما يتم عند القبائل البدائيّة في أستراليا.

أسلوب الختان عند بعض القبائل البدائيّة في أستراليا

المصدرBryk, Circumcision in man and woman, 1934, p. 129


سوف نقتصر في كتابنا على الدرجتين الأوليتين من الختان لأنهما الأوسع انتشاراً بين اليهود والمسيحيين والمسلمين.

والختان قد يتم بوسائل بدائيّة. وسوف نرى أن صفورة، زوجة موسى، ختنت أبنها بصوّان، وكذلك ختن يشوع اليهود بصوّان. ويذكر حديث منسوب للنبي محمد (توفى عام 632) أن إبراهيم قد ختن نفسه «بقدوم»، أي بآلة النجارة. وفي الروايات اليهوديّة، تم ختان إبراهيم بسيفه أو بقرصة عقرب. وقد تفنّن المخترعون في تصميم آلات عدّة لإجراء عمليّة الختان.

4) أنواع عمليّة ختان الإناث

يمكن تصنيف أنواع ختان الإناث كما يلي:

الدرجة الأولى: في هذه العلميّة يتم إزالة غلفة البظر أو جزء منها.

الدرجة الثانية: تشمل قطع البظر وغلفته، مع الشفرين الصغيرين أو جزء منهما.

الدرجة الثالثة: في هذه العمليّة يتم قطع البظر وغلفته والشفرين الصغيرين. ثم يلي ذلك شق الشفرين الكبيرين ويتم إخاطتهما معاً أو ابقائهما متماسين عن طريق ربط الرجلين معاً حتى يلتئما مكوّنين غطاء من الجلد يغطي فتحة البول والجانب الأكبر من المهبل. وتترك فتحة صغيرة في حجم رأس عود الثقاب أو طرف إصبع اليد الصغير لتسمح بنزول البول ودم الحيض. ويطلق على هذه العملية في مصر اسم «الطهارة السودانيّة»، وفي السودان، اسم «الطهارة الفرعونيّة» أو «الخفاض الفرعوني». وللجماع يتم عادة فتح المرأة بخنجر. كما أنه يتم توسيع الفتحة للولادة. وقد يعاد إخاطتها بعد الولادة أو في حالة سفر الزوج أو الطلاق.

الدرجة الرابعة: تضم أصناف مختلفة من التشويه الجنسي مثل شق الجدار الخلفي للمهبل؛ كي البظر والأنسجة المحيطة به بواسطة أداة صلبة محماة؛ وخز البظر أو الشفرين الصغيرين أو شقّهما؛ كحت بطانة المهبل أو عمل شقوق بها؛ مط البظر أو الشفرين الصغيرين؛ وضع مواد أو أعشاب كاوية في المهبل؛ فض بكارة العروس ليلة الزفاف بإصبع داية تطيل ظفرها من أجل هذه المناسبة. وهذه العادة معروفة خاصّة في الريف المصري.

هناك عدّة وسائل لإجراء ختان الإناث، منها البدائيّة ومنها المتقدّمة. وقد ابتكر طبيب أمريكي يهودي اسمه «راثمان» عام 1959 آلة مثل الكمّاشة لبتر غلفة بظر المرأة.

الفصل الثاني
الأهمّية العدديّة والتوزيع الجغرافي

1) إحصائيّات ختان الذكور

لا توجد إحصائيّات أكيدة تبيّن مدى انتشار ختان الذكور. ويشير مصدر أنه يتم في العالم ختان قرابة 13.300.000 طفل سنوياً، أي بمعدّل 25 طفل كل دقيقة. ويشير مصدر آخر أن نسبة المختونين من الذكور في العالم تبلغ 23%، أي بمجموع 650 مليون ذكر.

يُمارس ختان الذكور عادة في أيّامنا على جميع ذكور اليهود والمسلمين مع بعض الاستثناءات القليلة. وهناك عدد من المسيحيّين الذين يختنون أطفالهم. فالمسيحيون في مصر والسودان والحبشة مثلاً يمارسون ختان الذكور بصورة تكاد تكون شاملة، على خلاف اخوتهم المسيحيّين في دول المشرق العربي حيث ختان الذكور نادر. وهناك مؤشرات تفيد بأن ختان الذكور في تزايد في تلك الدول. وقد يكون السبب هو انتشار الثقافة الطبّية الأمريكيّة وزيادة عدد الولادات في المستشفيات حيث يمارس الأطبّاء سلطتهم في إقناع الأهل لإجراء تلك العمليّة.

وهناك ظاهرة غريبة وهي انتشار ختان الذكور في الدول الغربيّة الناطقة بالإنكليزيّة: إنكلترا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة. وهناك صعوبة كبيرة للحصول على إحصائيّات في هذا الخصوص ولكن تقدر نسبة الختان قبل الحرب العالمية الثانية في إنكلترا بـ 50% وقد هبطت هذه النسبة إلى قرابة الصفر بعد تعديل نظام التأمين الاجتماعي. وكانت نسبة الختان في الولايات المتحدة 85% عام 1979 ولكنها انخفضت في العقدين الأخيرين حتى أصبحت توازي اليوم 60% بسبب تزايد معارضي الختان. ولكن هذه النسبة تصل إلى 95% في بعض المستشفيات الأمريكيّة. واليوم نسبة الختان في أستراليا تقدّر بـ 10% وفي كندا بـ 25%. أمّا في الدول الغربيّة الأوروبيّة الأخرى، فنسبة ختان الذكور ضئيلة قد لا تزيد عن 2%. وهنا تنقصنا الإحصائيّات الموثوقة. ويشار هنا إلى أن نسبة الختان في كوريا الجنوبية تصل إلى 90% بسبب تأثير الجيش الأمريكي.

2) إحصائيّات ختان الإناث

يقول الفقيه ابن الحاج (توفى عام 1336): «والسُنّة في ختان الذكر إظهاره وفي ختان النساء إخفاؤه». هذا القول يصوّر الواقع حتى في أيّامنا. لذلك لم تنكشف حقيقة ممارسة ختان الإناث إلاّ في العقدين الأخيرين. وحتى الآن ما زال الكثير من الناس يجهل حتى معنى ختان الإناث ويستغربون وجوده في دولة إسلاميّة مثل مصر. والإحصائيّات المتوفرة في هذا الخصوص غير وافية ولا تُعرف بصورة مؤكدة الدول التي تنتشر بها هذه العادة. والحملة الحاليّة ضد ختان الإناث قد يساعد على كشف هذه الدول، ولكن قد يكون أيضاً عائقاً خوفاً من الدعاية السيّئة التي تنتج عن ذلك.

يشير مصدر أنه يتم في العالم ختان قرابة 2.000.000 طفلة سنوياً. أي بمعدّل 3.8 طفلة كل دقيقة. ويشير مصدر آخر أن نسبة المختونات من الإناث في العالم تبلغ 5%، أي بمجموع 100 مليون أنثى.

وقد نشرت منظمة الصحّة العالميّة عام 1994 و1996 و1998 أرقاماً بخصوص النساء المختونات في 28 دولة أفريقية تمارس ختان الإناث، من بينها 17 دولة عضو في منظمة المؤتمر الإسلامي. ويتبين من هذه الأرقام أن عدد المختونات هو كما يلي:

1994 114296900

1996 132490000

1998 136797440

ويشير هذا المصدر أن 15% إلى 20% من عدد النساء المختونات ختن حسب الدرجة الثالثة (الختان الفرعوني). وأن كل سنة يتم ختان مليوني فتاة. وفيما يخص مصر، ذكرت الإحصائيّات التي أصدرتها منظمة الصحّة العالميّة عام 1994 أن نسبة المختونات هناك تبلغ 50% أي ما يوازي 13.625.000 امرأة. ثم قدرت نسبة المختونات عام 1996 بـ 80% أي ما يوازي 24.710.000 امرأة. ثم قدرت نسبة المختونات عام 1998 بـ 97% أي ما يوازي 27.905.930 امرأة. هذا الاختلاف بين الإحصاء الأوّل والثالث لا يعني أن ختان الإناث قد ارتفع في مصر خلال السنين الأربعة الأخيرة بمعدّل 47%، بل إن المعلومات أصبحت أكثر دقّة بخصوصه. وهذا يبيّن مدى التعتيم الذي يسيطر على موضوع ختان الإناث وصعوبة الحصول على معلومات أكيدة بخصوصه. ونشير إلى أن منظمة الصحة العالمية لا تهتم بدول غير أفريقية تمارس ختان الإناث مثل إندونيسيا واليمن والإمارات وعُمان والسعودية.

الجزء الثاني
الختان والجدل الديني

كل جدل حول الختان يبدأ بالدين. فاليهود والمسيحيّون والمسلمون يعتقدون أن الله أنزل للبشريّة شرائع تنظم علاقة الإنسان بأخيه وبالله، وأن هذه الشرائع جاءت ضمن رسالات أؤتمن عليها الأنبياء والمرسلون وتم توثيقها في «الكتب المقدّسة» أو «الكتب السماويّة». وهذه الشرائع نهائيّة لا تقبل التبديل، وإن أمكن تفسيرها في بعض الأحيان. وأول سؤال يدور حول ما إذا كانت تلك الشرائع قد سنّت على الختان أم لا. وتفادياً للتكرار، نشير هنا إلى أن الكتب المقدّسة للطوائف الثلاث لم تذكر بتاتاً ختان الإناث، فكل ما جاء فيها يخص ختان الذكور.

الفصل الأوّل
الختان في الفكر الديني اليهودي

1) نصوص الكتب المقدّسة اليهوديّة عن الختان

تضم التوراة عدة نصوص عن ختان الذكور أهما نصّان في سفر التكوين وسفر الأحبار هما:

التكوين: الفصل 17

(1) ولمّا كان أبرام ابن تسع وتسعين سنة، تراءى له الرب وقال له: أنا الله القدير، فسِر أمامي وكن كاملاً. (2) سأجعل عهدي بيني وبينك وسأكثرك جدّاً جدّاً. (3) فسقط أبرام على وجهه. وخاطبه الله قائلاً: (4) ها أنا أجعل عهدي معك فتصير أبا عدد كبير من الأمم (5) ولا يكون اسمك أبرام بعد اليوم، بل يكون اسمك إبراهيم، لأني جعلتك أبا عدد كبير من الأمم. (6) وسأنميك جدّاً جدّاً وأجعلك أمماً، وملوك منك يخرجون. (7) وأقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك مدى أجيالهم، عهداً أبديّاً، لأكون لك إلهاً ولنسلك من بعدك. (8) وأعطيك الأرض التي أنت نازل فيها، لك ولنسلك من بعدك، كل أرض كنعان، ملكاً مؤبّداً، وأكون لهم إلهاً. (9) وقال الله لإبراهيم: وأنت فاحفظ عهدي، أنت ونسلك من بعدك مدى أجيالهم. (10) هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك: يختتن كل ذكر منكم. (11) فتختنون في لحم